للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يبرأ فيما بينه وبين الله تعالى؟ استظهر ابن عابدين أن الظلم المتقدم لا يسقط بالتوبة لتعلق حق المقتول به، فيخاصم القاتل يوم القيامة. وأما ظلم القاتل لنفسه بإقدامه على المعصية، فيسقط بالتوبة (١).

وقال الإمام النووي وأكثر العلماء: إن ظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الآخرة بالعقوبة عن القاتل إذا تاب. فقد دلت أحاديث نبوية على أنه لايطالب، من أشهرها الحديث المروي في الصحيحين الذي ذكر فيه توبة القاتل مئة نفس في الأمم السابقة، وقبول الله توبته (٢).

[إسقاط التعازير بالتوبة]

بمناسبة بحث أثر التوبة في العقوبات المقدرة (الحدود والقصاص) يحسن الكلام عن أثر التوبة أيضاً على العقوبات غير المقدرة وهي التعازير.

يظهر مما ذكره الفقهاء في إسقاط الحدود بالتوبة ضرورة التفرقة في التعزيرات بين حقوق الله وحقوق الأفراد (٣)؛ لأن ضابط التعزير: هو كل من ارتكب منكراً أو آذى غيره بغير حق بقول أو فعل أو إشارة. فقد يكون التعزير حقاً لله، أو حقاً للإنسان، أو يشترك فيه الحقان وأحدهما غالب على الآخر.

فإن كان التعزير حقاً خالصاً للإنسان، أو الغالب فيه حقه كالشتم والسب


(١) رد المحتار: ٣٨٩/ ٥.
(٢) رواه أبو سعيد الخدري (راجع رياض الصالحين: ص ١٤، كتاب التوابين لابن قدامة: ص ٨٥، ط دمشق).
(٣) رد المحتار: ١٩٠/ ٣، ١٩٨، ٢٠٤ وما بعدها، و ٢٠٩، نهاية المحتاج: ١٧٥/ ٧، رسالة التعزير للدكتور عبد العزيز عامر: ص ٤١، ٤٣٦ - ٤٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>