للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضهم قال: إن التوبة تسقط جميع حقوق الله، وحقوق الآدميين من مال ودم، إلا ما كان من الأموال قائم العين بيده، وهو قول الليث بن سعد ورجحه ابن جرير الطبري (١).

وشدد بعضهم وهو قول عند الشافعية وللإمام مالك. فقال: لا تسقط التوبة عن المحارب إلا حد الحرابة فقط، ويؤاخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الآدميين.

[عقوبة الردة والبغي]

الردة: ترك الدين الإسلامي والخروج عليه بعد اعتناقه. والبغي: الخروج عن طاعة الحاكم بثورة مسلحة، أو الخروج على الإمام مغالبة.

اتفق الفقهاء على إسقاط عقوبة الباغي (وهي القتل) بالتوبة؛ لأن القصد من عقابه توفير الطاعة والولاء والعدول عن البغي (٢).

كما أن عقوبة المرتد (وهي القتل ومصادرة ماله) تسقط أيضاً بالتوبة بأن يتبرأ عن الأديان كلها سوى الإسلام أو عما انتقل إليه من مذهب الكفر، لأن الغاية هي رجوعه إلى الإسلام، لذا استحب الحنفية استتابته وعرض الإسلام عليه قبل القتل، لاحتمال أن يسلم، وأوجب جمهور الفقهاء حصول الاستتابة قبل القتل ثلاث مرات (٣)، فإن تاب قبلت توبته، وإن لم يتب وجب عليه القتل.


(١) تفسير الطبري: ٢٨٧/ ١ وما بعدها، شرح الأزهار: ٣٧٨/ ٤، شرح النيل: ٦٤٣/ ٧.
(٢) فتح القدير: ٤٠٩/ ٤، الدر المختار ورد المحتار: ٣٤٠/ ٣، الشرح الكبير للدردير: ٢٩٩/ ٤، مغني المحتاج: ١٢٧/ ٤، المغني: ١١٤/ ٨.
(٣) المبسوط للسرخسي: ٩٨/ ١٠، فتح القدير: ٣٨٥/ ٤، البدائع: ١٣٤/ ٧، تبيين الحقائق: ٢٨٤/ ٣، بداية المجتهد: ٤٤٨/ ٢، الشرح الكبير للدردير: ٣٠٤/ ٤، مغني المحتاج: ١٣٩/ ٤، المغني: ١٢٤/ ٨، كشاف القناع: ١٤٤/ ٦، القوانين الفقهية: ص ٣٦٤، شرح النيل: ٦٤٣/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>