للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في أن زوال ملكه عن أمواله بالموت أو القتل أو اللحاق بدار الحرب: هل من وقت الردة، أي بأثررجعي، أو عند حدوث هذه الأسباب؟

قال أبو حنيفة (وقوله هو الصحيح في مذهبه)، والشافعي في أظهر أقواله الثلاثة، ومالك على الراجح في مذهبه، وظاهر كلام أحمد: تصبح أموال المرتد بمجرد الردة موقوفة، أي يحجر عليه بالارتداد إلى أن يتقرر مصيره، فإن أسلم تبينا بقاء ملكه، وإن مات أو قتل على ردته أو لحق بدار الحرب وحكم بلحاقه، تبينا زوال ملكيته عن أمواله بمجرد ردته، وعند أبي حنيفة: ينتقل ماكان اكتسبه في حال إسلامه إلى ورثته المسلمين؛ لأن ردته بمنزلة موته، فيتحقق شرط توريث المسلم من المسلم، ويصبح مااكتسبه في حال ردته فيئاً للمسلمين، فيوضع في بيت المال؛ لأن كسبه حال ردته كسب مباح الدم ليس فيه حق لأحد، فكان فيئاً كمال الحربي.

وكذلك تكون تصرفات المرتد حال ردته بالبيع والشراء والهبة والوصية ونحوها موقوفة عند أبي حنيفة: إن أسلم تبينا أن تصرفه كان صحيحاً، وإن قتل أو مات على ردته كان تصرفه باطلاً، إلا أن الشافعية قالوا: إذا كان التصرف يحتمل الوقف كالوصية فهو موقوف، وإن لم يحتمل الوقف كالبيع والهبة والرهن، كان التصرف باطلاً؛ لأنهم يقولون ببطلان وقف العقود.

ودليل الشافعية: أن المرتد تزول عصمة نفسه بالردة، فيجب قتله، وكذا تزول عصمة ماله، لأنها تبع لعصمة النفس، فتزول ملكيته عن ماله، ولأنه معرض للقتل، والقتل يؤدي به إلى الموت، والموت تزول به الملكية، بأثر رجعي أي (مستند إلى الماضي) يمتد إلى السبب الذي أدى إلى الموت وهو الردة، غير أنه يدعى إلى الإسلام. ونظراً لاحتمال عودته إلى الإسلام نحكم بتوقف زوال ملكه في الحال، فإن أسلم تبين أن الردة لم تكن سبباً لزوال الملك، وإن قتل أو مات أو

<<  <  ج: ص:  >  >>