للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحق بدار الحرب، تبين أنها وقعت سبباً لزوال الملك من حين حدوثها، والحكم لا يتخلف عن سببه.

وقال الصاحبان، والحنابلة في الراجح عندهم: لا يزول ملك المرتد بمجرد ردته، وإنما يزول بالموت أو القتل، لأن تأثير الردة يظهر في إباحة دمه، لا في زوال ملكه كالمحكوم عليه بالرجم والقصاص، ولأنه مكلف، فيكون كامل الأهلية، فيحكم ببقاء ملكه. وزوال العصمة عن النفس لا يلزم منه زوال الملك بدليل المحكوم عليه بالرجم ونحوه.

إلا أن الحنابلة قالوا: لو لحق المرتد بدار الحرب لم يزل ملكه، وإنما يباح قتله لكل واحد من غير استتابة، ويباح أخذ ماله لمن قدر عليه، لأنه صار حربياً، حكمه حكم الحربيين. وتصبح تصرفات المرتد حينئذ موقوفة. قال ابن مفلح الحنبلي في المبدع: تكون تصرفات المرتد من البيع والهبة والوقف ونحوه موقوفة على المذهب؛ لأنه مال تعلق به حق الغير، فكان التصرف فيه موقوفاً كتبرع المريض، والمذهب أنه يمنع من التصرف فيه. فإن أسلم ثبت ملكه وتصرفاته، وكان ذلك صحيحاً وإلا بطلت، أي إذا مات أو قتل في ردته، كان تصرفه باطلاً، تغليظاً عليه، بقطع ثوابه، بخلاف المريض.

أما الصاحبان فقالا: تزول ملكية المرتد عن أمواله بمجرد اللحاق بدار الحرب مثل الموت أو القتل، وتنتقل كل أمواله لورثته. وتعتبر تصرفات المرتد نافذة في أمواله، إلا أن أبا يوسف قال: تنفذ تصرفاته كتصرف الإنسان العادي الصحيح البدن؛ لأنه يمكنه الرجوع إلى الإسلام، فيتخلص عن القتل. أما المريض: فلا يمكنه دفع المرض عن نفسه، فلا تشابه بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>