للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزيادة على الأربعين، وهذا تعزير، ولأن التعزير ضرب جعل إلى اجتهاد الإمام، فإذا أدى إلى التلف ضمن كضرب الزوج زوجته، إذ أن التعزير مشروط بسلامة العاقبة، باعتبار أن المقصود هو التأديب لا الهلاك، فإذا حصل به هلاك تبين أنه جاوز الحد المشروع. والهلاك الحاصل إن كان بضرب يقتل غالباً، فيجب فيه القصاص إذا لم يكن الضارب أصلاً (أباً أو جداً) للمضروب. وإن لم يكن الضرب قاتلاً في الغالب، فيجب دية شبه العمد على العاقلة (العصبات).

[حق التأديب]

وأما إذا ضرب الأب ولده تأديباً، أو ضرب الزوج زوجته، أو المعلم إذا ضرب الصبي تأديباً، فتلف من التأديب المشروع، فإن أبا حنيفة والشافعي قالا في هذه الحالات: إنه يجب الضمان، ودليلهما عرفناه في الحالة السابقة، ولأنه تأديب مباح، فيتقيد بشرط السلامة كالمرور في الطريق ونحوه. وقال مالك وأحمد والصاحبان: لا ضمان عليه في هذه الحالات؛ لأن التأديب فعل مشروع للزجر والردع، فلا يضمن التالف به كما في الحدود (١).

التعزير للإمام: التعزير كالحدود منوط بالإمام، وليس لأحد حق التعزير إلا لثلاثة: الأب، والسيد، والزوج.

أما الأب: فله تأديب ولده الصغير وتعزيره للتعلم والتخلق بالأخلاق الفاضلة وزجره عن سيئها، وللأمر بالصلاة والضرب عليها عند الاقتضاء. والأم مثل الأب في أثناء الحضانة والكفالة، وليس للأب تعزير البالغ وإن كان سفيهاً.


(١) راجع المهذب: ٢٧١/ ٢، ٢٨٩، نيل الأوطار: ١٤٠/ ٧ - ١٤٥، الميزان: ١٧٢/ ٢، مغني المحتاج: ١٩١/ ٤، ١٩٩ ومابعدها، المبسوط: ١٣/ ١٦، الدرا لمختار: ٤٠١/ ٥، درر الحكام: ٧٧/ ٢، المغني: ٣٢٧/ ٨، غاية المنتهى: ٢٨٥/ ٣، رحمة الأمة بهامش الميزان: ١٦٠/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>