للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعة اشتركوا في الجريمة، فإما أن يتم الاشتراك في حال التعاقب أو في وقت واحد.

[قتل الجماعة بالواحد]

يجب شرعاً باتفاق الأئمة الأربعة قتل الجماعة بالواحد، سداً للذرائع، فلو لم يقتلوا لما أمكن تطبيق القصاص أصلاً، إذ يتخذ الاشتراك في القتل سبباً للتخلص من القصاص. ثم إن أكثر حالات القتل تتم على هذا النحو، فلا يوجد القتل عادة إلا على سبيل التعاون والاجتماع.

وقد بادر الصحابة إلى تقدير هذا الأمر، فأفتوا بالقصاص الشامل. وأول حادثة حدثت هي في عهد عمر، وهي أن امرأة بمدينة صنعاء، غاب عنها زوجها، وترك عندها ابناً له من غيرها، فاتخذت لنفسها خليلاً، فقالت له: إن هذا الغلام يفضحنا فاقتله، فأبى، فامتنعت منه فطاوعها، فاجتمع على قتل الغلام خليل المرأة، ورجل آخر، والمرأة وخادمها، فقطعوه أعضاء، وألقوا به في بئر. ثم ظهر الحادث وفشا بين الناس، فأخذ أمير اليمن خليل المرأة فاعترف، ثم اعترف الباقون، فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر: أن اقتلهم جميعاً، وقال: «والله لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً» (١). وحكم حالتي الاشتراك في القتل يظهر فيما يأتي (٢):


(١) أخرجه مالك في موطئه عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفراً: خمسة، أو سبعة برجل قتلوه غيلة، وقال: «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به» وعن مالك رواه محمد بن الحسن في موطئه والشافعي في مسنده والبخاري في صحيحه وابن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه والطحاوي والبيهقي.
(٢) البدائع: ٢٣٨/ ٧، تكملة الفتح: ٢٧٨/ ٨، اللباب شرح الكتاب: ١٥٠/ ٣، الدر المختار: ٣٩٤/ ٥ وما بعدها، تبيين الحقائق: ١١٤/ ٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>