للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم، فأشار بعضهم أن ليس عليك شيء، إنما أنت وال ومؤدب، وصمت علي. فأقبل عليه عمر، فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: إن كانوا قالوا برأيهم، فقد أخطأ رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك، فلم ينصحوا لك، إن ديته عليك؛ لأنك أفزعتها، فألقته، فقال عمر: أقسمت عليك ألا تبرح حتى تقسمها على قومك، أي قريش.

[الركن الثالث ـ القصد الجنائي]

لا يكون القتل عمداً عند جمهور الفقهاء (الحنفية (١) والشافعية (٢) والحنابلة (٣)) إلا إذا قصد الجاني قتل المجني عليه، أو ضربه بفعل مزهق (أي قصد الفعل العدوان بما يقتل غالباً). فإن لم يتوافر القصد الجنائي، فلا يعد الفعل قتلاً عمداً. ولو قصد الجاني مجرد الاعتداء على المجني عليه، دون إزهاق روحه، بما لا يقتل غالباً، كان القتل شبه عمد.

وبما أن هذا القصد أو النية أمر باطني خفي لا يمكن الاطلاع عليه، أناط الفقهاء حكم القتل العمد بوصف ظاهر يمكن معرفته، وهو استعمال أداة القتل المناسبة؛ لأن الجاني غالباً يختار الآلة المناسبة لتنفيذه قصده الجرمي. فاستعمال الآلة القاتلة غالباً هو المظهر الخارجي لنية الجاني، وهو الدليل المادي الذي لا يكذب في الغالب؛ لأنه من صنع الجاني، لا من صنع غيره. ومن ثم اشترط الفقهاء أن تكون الآلة قاتلة غالباً؛ لأنها دليل على قصد القتل عند الجاني (٤).


(١) تبيين الحقائق: ٩٧/ ٦، ١٠٠، البدائع: ٢٣٣/ ٧ وما بعدها، الدر المختار ورد المحتار: ٣٧٥/ ٥.
(٢) مغني المحتاج: ٣/ ٤، المهذب: ١٧٢/ ٢، الأحكام السلطانية للماوردي: ص ٢٢٢.
(٣) كشاف القناع: ٥٨٧/ ٥، المغني: ٦٣٧/ ٧.
(٤) التشريع الجنائي الإسلامي للأستاذ عودة: ٧٩/ ٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>