للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العبد، والأنثى تساويها الأنثى، لكن جاء الإجماع على أن الرجل يقتل بالمرأة. فمناط الاستدلال عندهم كلمة {القصاص} الموجبة للمساواة والمماثلة في القتل، ومناط الاستدلال عندالحنفية كلمة {القتلى} الموجبة حصر القصاص في القاتل، لا في غيره.

وأما حديث «لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده» فمعناه عند الحنفية أنه لا يقتل المسلم والمعاهد بكافر حربي؛ لأن المراد بالكافر هو الحربي بدليل جعل الحربي مقابلاً للمعاهد؛ لأن المعاهد يقتل بمن كان معاهداً مثله من الذميين إجماعاً، فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربي، كما قيد في المعطوف؛ لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقاً، ويكون التقدير: لا يقتل مسلم بكافر حربي ولا ذو عهد بكافر حربي؛ لأن الذمي أو المعاهد إذا قتل ذمياً قتل به، فعلم أن المراد به: الحربي، إذ هو الذي لا يقتل به مسلم ولا ذمي. ولا يقال كما يرى الجمهور، معناه: لا يقتل ذو عهد مطلقاً، أي لا يحل قتله، بمعنى أنه يصبح كلاماً مستأنفاً مبتدأ به؛ لأن المراد من الحديث نفي القتل قصاصاً، لا نفي مطلق القتل، فيكون المعطوف مثل المعطوف عليه.

وأيد الحنفية قولهم بالقياس أيضاً وهو أن يد المسلم تقطع إذا سرق مال الذمي فإذا كانت حرمة ماله كحرمة مال المسلم، فحرمة دمه كحرمة دمه.

لكن رد الجمهور على أدلة الحنفية بأن حديث «أنا أحق من وفى بذمته» ضعيف. وتوجد شبهة في إباحة دم الذمي، بسبب الكفر المبيح للدم، ولا قصاص مع الشبهة. وحديث «ولا ذو عهد في عهده» كلام تام لا يحتاج إلى تقدير، وهي جملة مستأنفة، لبيان حرمة دماء أهل الذمة والعهد بغير نقض، ولو سلمنا أنها للعطف، فالمشاركة في أصل النفي لا من كل وجه، فلو سلمنا تقدير الحربي في

<<  <  ج: ص:  >  >>