للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو للمقتول، وبما أنه عجز بالموت عن استيفاء حقه بنفسه، فيقوم الورثة مقامه بالإرث عنه، ويكون مشتركاً بينهم، كما يشتركون في إرث المال.

ويتفرع عن هذا الاختلاف على رأيين: أنه إذا تعدد الأولياء، هل ينتظر لاستيفاء القصاص بلوغ أحد الأولياء إذا كان صغيراً، أو عودته إذا كان غائباً، أو إفاقته من جنونه إذا كان مجنوناً؟

فعلى الرأي الأول: لا ينتظر بلوغ الصغير، ولا إفاقة المجنون، ويكون الحق في الاستيفاء للكبير، والعاقل، وأما الغائب فينتظر لاحتمال عفوه.

وأما على الرأي الثاني: فينتظر بلوغ الصبي، وكمال المجنون بإفاقته، وقدوم الغائب، ولا يجوز حينئذ للكبير أو للحاضر الاستقلال باستيفاء القصاص. وفي هذه الحالة يحبس القاتل حتى يحضر الغائب، ويكمل الصبي والمجنون، ولا يخلى بكفيل.

وإذا لم يكن للمقتول وارث غير جماعة المسلمين، كان الأمر باتفاق الفقهاء إلى السلطان، عملاً بالقاعدة الشرعية: «السلطان ولي من لا ولي له» (١) فإن رأ ى السلطان القصاص اقتص، وإن رأى العفو على مال عفا؛ لأن الحق للمسلمين، فوجب على الإمام أن يفعل ما يراه من المصلحة؛ لأن «تصرف الحاكم على الرعية منوط بالمصلحة» فإن أراد أن يعفو على غير مال لم يجز؛ لأنه تصرف لا مصلحة فيه للمسلمين، فلم يملكه (٢).


(١) هذا نص حديث نبوي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها، وحسنه الترمذي، ورواه أحمد وصححه الحاكم وابن حبان.
(٢) المهذب: ١٨٨/ ٢، البدائع: ٢٤٥/ ٧، المغني: ٧٥٤/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>