للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كان حق الميت (كما يرى الصاحبان وموافقوهما) فكل واحد من الورثة خصم في استيفاء حق الميت، كما هو الحال في استيفاء المال.

وإن كان القصاص حق الورثة ابتداءً واستقلالاً (كما يرى أبو حنيفة ومالك) فكل واحد من الورثة يملك حق القصاص على سبيل الكمال.

لكن يشترط عند الحنفية حضور جميع المستحقين عند استيفاء القصاص، لاحتمال العفو من الغائب. فإن بادر أحد المستحقين بقتل الجاني، صار القصاص عند الحنفية مستوفى للجميع؛ لأن القصاص واجب عيناً، وليس لباقي الورثة شيء من المال، وإنما يعزر المقتص لافتئاته على إمام المسلمين.

وقال الحنابلة، والأظهر عند الشافعية (١): إنه لا قصاص في هذه الحالة على من بادر فقتل الجاني، ولكن للباقين من المستحقين نصيبهم من الدية من تركة الجاني، لسقوط حقهم بغير اختيارهم، وكون ذلك من تركة الجاني لا من المبادر على الأرجح؛ لأن المبادر فيما وراء حقه كالشخص الأجنبي، ولو بادر أجنبي فقتل الجاني، أخذ الورثة الدية من تركة الجاني لا من الأجنبي.

ب ـ وأما إذا كان مستحقو القصاص كباراً وصغاراً، أو فيهم مجنون أو بعضهم غائب. فللكبار استيفاء القصاص عند أبي حنيفة ومالك (٢)، ولا ينتظر بلوغ الصغير، ولا إفاقة المجنون (٣)؛ لثبوت حق القصاص للورثة ابتداء على سبيل الكمال والاستقلال، ولأن القصاص حق لا يتجزأ، لثبوته بسبب لا يتجزأ، وهو


(١) مغني المحتاج: ٤١/ ٤، المغني: ٧٤١/ ٧.
(٢) البدائع: ٢٤٣/ ٧ وما بعدها، الدر المختار: ٣٨٣/ ٥، الشرح الكبير للدردير: ٢٥٧/ ٤، تكملة فتح القدير: ٢٦٥/ ٨.
(٣) هذا عند المالكية إذاكان الجنون مطبقاً مستمراً، أما من يفيق أحياناً فتنتظر إقامته، كما ينتظر المغمى عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>