للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جنس الدية، ومن خلاف جنسها بشرط قبول الجاني؛ لأن القصاص ليس مالاً (١). أما الصلح على الدية فلا يجوز بأكثر من الدية، حتى لا يقع المتصالحان في الربا.

والصلح يختص بالإسقاط بمقابل. أما العفو فقد يقع مجاناً أو في مقابل مال، لكن إن وقع العفو عن القصاص على الدية، اعتبر عند الحنفية والمالكية صلحاً لا عفواً، ويسمى أيضاً عند الشافعية والحنابلة عفواً بمقابل.

وقد رغب الشرع في الصلح عموماً في قوله تعالى: {والصلح خير} [النساء:١٢٨/ ٤] وقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً» (٢). ودلت السنة على مشروعية الصلح في الدماء لإسقاط القصاص، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلم: «من قَتَل عمداً، دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية: ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خَلِفة (٣)، وما صولحوا عليه فهو لهم» (٤) وذلك لتشديد حرمة القتل.

وحكم الصلح: هو حكم العفو، فمن يملك العفو يملك الصلح، وأثر الصلح كأثر العفو في إسقاط القصاص، وإذا تعدد الأولياء، وصالح أحدهم الجاني على مال، سقط القصاص، وبقي حق الآخرين في المال. وإذا بادر أحد الأولياء بقتل الجاني بعد الصلح، فهو قاتل له عمداً، لكنه لا قصاص عليه عند الحنفية ما عدا زفر. وعليه القصاص عند الشافعية والحنابلة.


(١) الدر المختار: ٣٩٤/ ٥، الشرح الكبير للدردير: ٢٦٣/ ٤، الشرح الصغير للدردير: ٣٦٨/ ٤، مغني المحتاج: ٤٩/ ٤، كشاف القناع: ٦٣٤/ ٥.
(٢) رواه أبو داود والحاكم وابن حبان وصححه عن أبي هريرة، ورواه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن عمرو بن عوف.
(٣) الحقة: هي الناقة التي طعنت في السنة الرابعة، والجذعة: هي التي طعنت في الخامسة، والخلفة: هي الحامل.
(٤) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>