للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عفي عن القاتل أو رضي الوارث بالدية، وأما إذا اقتص منه، فلا كفارة عليه، بل القتل كفارته، لحديث عبادة بن الصامت في أن الحدود كفارات لأهلها، ولما أخرجه أبو نعيم في المعرفة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «القتل كفارة» (١).

والدليل على وجوب الكفارة في العمد: أن المقصود من تشريع الكفارة هو رفع الذنب، ومحو الإثم، والذنب في القتل العمد أعظم من القتل الخطأ، فكانت الكفارة في العمد أحرى وأولى، والعامد أحوج إليها لرفع الذنب وتكفير الخطيئة.

ويدل له خبر واثلة بن الأسقع، قال: «أتينا النبي صلّى الله عليه وسلم في صاحب لنا، قد استوجب النار بالقتل، فقال: أعتقوا عنه رقبة، يعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار» (٢).

وكفارة القتل مثل كفارة الظهارفي الترتيب: عتق رقبة أولاً، فإن لم يجد (٣) فصيام شهرين متتابعين (٤)، كما نصت الآية، لكن لا إطعام فيها في الأظهر عند العجز عن الصوم، اقتصاراً على الوارد فيها، إذ المتبع في الكفارات النص، لا القياس، ولم يذكر الله تعالى في كفارة القتل غير العتق والصيام. وعلى هذا فمن لم يستطع الصوم ثبت ديناً في ذمته، ولا يجب شيء آخر. والواجب في عصرنا هو الصوم فقط.

٣ - وقال المالكية (٥): تستحب الكفارة في قتل الجنين م وجوب دية الجنين،


(١) نيل الأوطار: ٥٧/ ٧.
(٢) رواه أبو داود وأحمد وصححه الحاكم وغيره، كما رواه أيضاً النسائي وابن حبان والحاكم.
(٣) قال ابن قدامة الحنبلي: فإن لم يجد الرقبة في ملكه فاضلة عن حاجته أو لم يجد ثمنها فاضلاً عن كفايته، فصيام شهرين متتابعين، توبة من الله. وهذا ثابت بالنص أيضاً (المغني: ٩٧/ ٨).
(٤) تحتسب المدة بالأهلّة إذا صام من أول الشهر وإلا فيحسب كل شهر ثلاثين يوماً.
(٥) القوانين الفقهية: ص ٣٤٨، بداية المجتهد: ٤٠٨/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>