للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا قصاص بالقطع عندهم من الحر للعبد، ويقطع العبد بالحر، والعبد بالعبد. ويقول الحنفية في هذا خلافاً لمبدئهم في القصاص بالنفس: لا قصاص مطلقاً بين الحر والعبد، وبالعكس، ولا بين العبيد أنفسهم، لعدم التماثل، أو للتفاوت في القيمة؛ إذ أن قيمة كل عبد تختلف عن قيمة غيره (١)، أي أن الحرية وعكسها العبودية حالة ثالثة لمنع القصاص فيما دون النفس عند الحنفية.

ولا قصاص عند الجمهور فيما دون النفس من المسلم للذمي الكافر، ولكن يقطع الذمي بالمسلم عند الشافعية والحنابلة، لعدم التكافؤ في النفس، ولا يقطع الذمي بالمسلم عند المالكية؛ لأن القصاص فيما دون النفس يقتضي المساواة بين الطرفين، ولا مساواة بين المسلم والكافر مطلقاً (٢).

٣ - كون الاعتداء على ما دون النفس شبه عمد عند الشافعية والحنابلة: كأن يلطم شخص غيره فيفقأ عينه، أو يرميه بحصاة فيشل يده، أو يحدث ورماً ينتهي بموضحة، فلا قصاص عندهم في هذه الحالة، وإنما تجب الدية المقررة شرعاً للعين أو اليد.

ويقتص من الجاني عند المالكية والحنفية في هذه الحالة؛ لأن شبه العمد فيما دون النفس له حكم العمد، لتوافر صفة الاعتداء، وما دون النفس يكفي فيه مجرد قصد الاعتداء، والاعتداء بأي آلة أمر متصور ممكن، بعكس القتل، فلا يكون إلا بآلة مخصوصة، كما بان سابقاً.

٤ - أن يكون الفعل تسبباً عند الحنفية: فهم يشترطون للقصاص بالجناية على النفس أو ما دون النفس أن تكون الجناية مباشرة لا تسبباً كما ذُكر. ويخالفهم الجمهور فيه.


(١) تكملة فتح القدير: ٢٧١/ ٨ وما بعدها، اللباب مع الكتاب: ١٤٧/ ٣.
(٢) الشرح الكبير للدردير: ٢٥٠/ ٤، مغني المحتاج: ٢٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>