للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن مات المجروح بسبب الجراحة، وجب القصاص؛ لأن الجراحة صارت بالسراية نفساً، لهذا قالوا: «لا يقاد جرح إلا بعد برئه».

٢ - وقال المالكية (١): يجب القصاص في جراح العمد، كلما أمكن التماثل ولم يخش منه الموت، لقوله تعالى: {والجروحَ قصاص} [المائدة:٤٥/ ٥].

وذلك بأن يقيس أهل الطب والمعرفة طول الجرح وعرضه وعمقه ويشقون مقداره في الجارح.

٣ - وقال الشافعية والحنابلة (٢): يقتص في كل جرح ينتهي إلى عظم، كالموضحة في الوجه والرأس، وجرح العضد والساعد والفخذ والساق والقدم؛ لأنه يمكن استيفاؤه على سبيل المماثلة من غير حيف ولا زيادة، لانتهائه إلى عظم؛ لأن الله نص على القصاص في الجروح.

ويشترط في القصاص في جراح العمد ما يشترط في قصاص النفس حال العمد من كون الجاني مكلفاً (بالغاً عاقلاً)، وعصمة المجني عليه، وتكافؤ الجاني والمجني عليه على الخلاف المذكور سابقاً في الشجاج، كما تشترط الشروط الخاصة بقصاص الأطراف (٣). ولا قصاص في جراح العمد إلا إذا أمكن تحقيق المماثلة، ولا قصاص في الشجاج إلا في الموضحة إذا كانت عمداً، ولا قصاص في اللسان، ولا في كسر عظم إلا في السن؛ لأنه لا يمكن الاستيفاء من غير ظلم.

القصاص بعد البرء: لا يجوز القصاص في الأطراف والجراح عند الجمهور (٤) إلا بعد اندمال أو برء الجرح، لما روى جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلم «نهى أن يستقاد


(١) بداية المجتهد: ٣٩٩/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣٥٠.
(٢) مغني المحتاج: ٢٣/ ٤، المغني: ٦٨٦/ ٧ وما بعده، ٧٤٨، كشاف القناع: ٦٥١/ ٥.
(٣) البدائع: ٣١٠/ ٧، بداية المجتهد: ٣٩٩/ ٢، مغني المحتاج: ٢٥/ ٤، المغني: ٧٠٢/ ٧ وما بعدها.
(٤) الدر المختار ورد المحتار: ٣٩٠/ ٥، المغني: ٧٢٩/ ٧، ٥٩/ ٨، تبيين الحقائق: ١٣٨/ ٦، بداية المجتهد: ٤٠٠/ ٢، الشرح الصغير: ٣٨١/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>