للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحنفية والمالكية والحنابلة: لا إعادة على من تيمم ثم وجد الماء في الوقت، ولا قضاء عليه بالتيمم للأسباب الأخرى، إلا أن المالكية قالوا: كل من أمر بالتيمم يعيد الصلاة في الوقت إذا كان مقصراً أي عنده نوع من التقصير في البحث عن الماء، أو طلبه.

واستثنى الحنفية: المحبوس الذي صلى بالتيمم فإنه يعيد الصلاة إن كان مقيماً في الحضر، ولا يعيدها في السفر. والأيسر الأخذ بهذا الرأي.

ودليلهم: ما روى أبو داود عن أبي سعيد: «أن رجلين خرجا في سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء، فتيمما صعيداً طيباً، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك، وقال للذي أعاد: لك الأجر مرتين».

وتيمم ابن عمر وهو يرى بيوت المدينة، وصلى العصر، ثم دخل المدينة، والشمس مرتفعة، فلم يعد.

ولأن المتيمم فعل ما أمر به، وأدى فرضه كما أمر، فلم يلزمه الإعادة، ولأن عدم الماء عذر معتاد، فإذا تيمم معه يجب أن يسقط فرض الصلاة، كالمرض، وماسقط لايعود إلى الذمة.

وذهب الحنابلة على المشهور في المذهب إلى أن المتيمم واجد الماء في الصلاة، ينتقض تيممه، وتبطل طهارته، ويعيد الطهارة ويستأنف الصلاة من جديد، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «الصعيد الطيب: وضوء المسلم، إن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجدت الماء، فأمِسَّه جلدك» (١) دل بمفهومه: على أنه لا يكون طهوراً عند وجود الماء،


(١) رواه أبو داود والحاكم والنسائي عن أبي ذر، وصححه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>