للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في القتل العمد: فيرى الحنفية، والشافعية في المذهب الجديد (١): أنه لايجب القصاص، وإنما تجب الدية حالَّة في مال المقسم عليه (المتهم)، لخبر البخاري: «إما أن تدوا صاحبكم، أو تأذنوا بحرب» فقد أطلق النبي صلّى الله عليه وسلم إيجاب الدية، ولم يفصل بين العمد والخطأ، ولو صلحت أيمان القسامة لإيجاب القصاص لذكره النبي صلّى الله عليه وسلم، ولأن القسامة حجة ضعيفة، مشتملة على شبهة؛ لأن اليمين تفيد غلبة الظن، فلا توجب القصاص، احتياطاً لأمر الدماء التي لا تراق بالشبهة، كالإثبات بالشاهد واليمين.

وقد روي إيجاب الدية عن عمر وعلي في قتيل وجد بين قريتين على أقربهما إليه.

وقال المالكية والحنابلة (٢): يجب القصاص بالقسامة في القتل العمد. لكن عند المالكية: إذا تعدد المتهمون لا يقتل بالقسامة أكثر من واحد. وعند الحنابلة: لا قصاص إذا وجد مانع يمنع منه كعدم المكافأة. غير أن هذا القيد في كل قصاص.

واستدلوا على إيجاب القصاص بخبر الصحيحين: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم» أي دم قاتل صاحبكم (٣)، وفي رواية «فيدفع إليكم برمته» وفي لفظ مسلم: «فيسلَّم إليكم» ولأن القسامة حجة يثبت بها العمد، أي القصد بالاتفاق، فيثبت بها القصاص كشهادة الرجلين. وقد روى الأثرم بإسناده عن عامر الأحول: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة بالطائف».


(١) تكملة فتح القدير: ٣٨٨/ ٨، الدر المختار ورد المحتار: ٤٤٦/ ٥ ومابعدها، اللباب شرح الكتاب: ١٧٢/ ٣، مغني المحتاج: ١١٦/ ٤ ومابعدها.
(٢) بداية المجتهد: ٤٢٣/ ٢، الشرح الكبير للدردير: ٢٨٨/ ٤، ٢٩٧، كشاف القناع: ٧٦/ ٦، المغني: ٦٨/ ٨ وما بعدها، ٧٧، ٨٥.
(٣) وأجاب الشافعي في الجديد عن الحديث بأن التقدير: بدل دم صاحبكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>