للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيراً، لعلكم تفلحون} [الأنفال:٤٥/ ٨] وعلى المسلم أن يثبت أمام اثنين من الكفار، قال الله تعالى: {الآن خفف الله عنكم، وعلم أن فيكم ضعفاً، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله، والله مع الصابرين} [الأنفال:٦٦/ ٨].

فإن غلب على ظن المقاتلين المسلمين أنهم سيُغلبون ويقتلون، فلا بأس أن يفروا من عدوهم منحازين إلى فئة يستنصرون بها من المسلمين. ولا عبرة بالعدد، حتى إن الواحد، إذا لم يكن معه سلاح، فلا بأس أن يفر من اثنين مسلحين، أو من واحد مسلح، أو بسبب عجز لمرض ونحوه، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً، فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال، أو متحيزاً إلى فئة، فقد باء بغضب من الله، ومأواه جهنم وبئس المصير} [الأنفال:١٦/ ٨] (١).

ويؤيده ما روى ابن عمر قال: «بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم سرية قِبَل نجد، وأنا فيهم، فحاص المسلمون حيصة (يعني انهزموا من العدو) فلما قدمنا المدينة، قلنا: نحن الفرّارون، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: بل أنتم العكّارون (٢) في سبيل الله، أنا لكم فئة، لترجعوا معي إلى الجهاد في سبيل الله» (٣)، فهذا إقرار من الرسول صلوات الله وسلامه عليه لفعل هذه السرية التي لم تستطع متابعة القتال أمام قوة الأعداء، وإن كانت حالة الحرب ما زالت قائمة معهم.

ويحرم على المسلمين بيع أهل الحرب السلاح والكُرَاع (الخيول) ونحوها من وسائل القتال التي تقوي العدو كالحديد، ولا يتاجر بها إلى الأعداء (٤).


(١) آثار الحرب: ص ٧٥٠ وما بعدها، البدائع: ٩٨/ ٧ وما بعدها.
(٢) العكارون: العطافون الراجعون إلى الجهاد مرة أخرى.
(٣) رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عمر (جامع الأصول: ٢٢٢/ ٣، نيل الأوطار: ٢٥٢/ ٧).
(٤) الكتاب مع اللباب: ١٢٣/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>