للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يكن نقضهم بإذن ملكهم، ودخلوا بلادنا، وقطعوا الطريق وكان لهم منعة، وقاتلوا المسلمين علانية، يكون فعلهم نقضاً للعهد في حقهم دون غيرهم. فإن لم يكن لهم مَنَعة، حوربوا، ولا يكون فعلهم نقضاً للعهد في حقهم (١).

وقرر جمهور الفقهاء أن الهدنة عقد لازم لا يجوز نقضه إلا إذا وجدت خيانة، أو غدر من العدو، بقيام أمارات تدل عليه؛ وإن لم توجد فيجب الوفاء لهم بالعهد، كما هو مقتضى آية النبذ السابق ذكرها: {وإما تخافن من قوم خيانة ... } [الأنفال:٥٨/ ٨] (٢) فإذا لم يخف الإمام الخيانة، لا يجوز نبذ عهدهم.

شروط صحة الهدنة: يشترط لصحة الهدنة الشروط الأربعة التالية (٣):

١ً - أن يعقدها مع الأعداء الإمام أو نائبه، وإذا كانت مع إقليم عقدها والي الإقليم أيضاً لتلك البلدة.

٢ً - أن تعقد لمصلحة إسلامية، ولا يكفي انتفاء المفسدة كما في عقد الجزية، لعدم توافر المصلحة في موادعة الأعداء، والله تعالى يقول: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السَّلْم وأنتم الأعلون} [محمد:٣٥/ ٤٧]. والمصلحة كضعفنا بقلة عدد أو أهبة، أو لرجاء إسلامهم أو بذل الجزية أو نحو ذلك كحاجة الإمام إلى إعانتهم له على غيرهم، وقد هادن النبي صلّى الله عليه وسلم صفوان بن أمية أربعة أشهر عام فتح مكة لرجاء إسلامه، فأسلم قبل مضيها.


(١) الكتاب مع اللباب: ١٢٠/ ٤ وما بعدها.
(٢) البدائع: ١٠٩/ ٧، آثار الحرب: ص ٣٦١ وما بعدها.
(٣) مغني المحتاج: ٢٦٠/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>