للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا بأس أن يُنفِّل الإمام في حال القتال، ويحرض بالنَّفَل على القتال، فيقول: من قتل قتيلاً فله سلبه، أو يقول لسرية (هي القطعة من الجيش): قد جعلت لكم الربع أو النصف بعد أخذ الخمس، لما فيه من تقوية القلوب، وإغراء المقاتلة على المخاطرة وإظهار الجلادة رغبة في القتال. وقال الله تعالى: {حرض المؤمنين على القتال} [الأنفال:٦٥/ ٨] وهذا نوع من التحريض.

والسَّلب: هو ثياب المقتول وسلاحه الذي معه، ودابته التي ركبها بما عليها، وما كان معه من مال. وأما ما يكون مع خادم للمقتول على فرس آخر أو ما معه من أموال على دابة أخرى، فكله من الغنيمة التي هي من حق جماعة الغانمين كلهم. هذا مذهب الحنفية (١) والمالكية (٢) الذي يقتضي أن القاتل لا يستحق سلب المقتول إلا بإذن الإمام، أي بأن ينفله له الإمام بعد انتهاء الحرب بطريق الاجتهاد. فإذا لم يجعل السلب للقاتل فهو من جملة الغنيمة، ويكون القاتل وغيره في السلب سواء؛ لأنه مأخوذ بقوة الجيش، فيكون غنيمة لهم.

وقال الشافعية والحنابلة: يستحق القاتل سلب المقتول في كل حال بدون إذن الإمام (٣) بدليل عموم قوله صلّى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلاً فله سلبه» (٤).


(١) البدائع:٧/ ١١٤ وما بعدها، فتح القدير: ٤/ ٣٣٣ ومابعدها، تبيين الحقائق: ٤/ ٢٥٨.
(٢) بداية المجتهد: ٣٨٤/ ١، الفروق للقرافي: ٧/ ٣.
(٣) راجع مغني المحتاج: ٩٩/ ٣، المغني لابن قدامة: ٣٨٨/ ٨.
(٤) رواه الجماعة إلا النسائي، ورواه الموطأ وأحمد عن أبي قتادة الأنصاري ورواه البيهقي عن سمرة، كما رواه غيرهما. وأما حديث «ليس لك من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك» فهو منقطع (راجع جامع الأصول: ٢٩١/ ٣، شرح مسلم: ٥٩/ ١٢، مجمع الزوائد: ٣٣١/ ٥، نصب الراية: ٤٢٨/ ٣ - ٤٣٠، نيل الأوطار: ٢٦١/ ٧، سبل السلام: ٥٢/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>