للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد روي أن «أبا طلحة رضي الله عنه قتل يوم خيبر عشرين قتيلاً، وأخد أسلابهم» (١).

ومنشأ الخلاف بين الفريقين: هل قوله صلّى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلاً فله سلبه» صادر منه بطريق الإمامة أم بطريق الفتيا؟

قال الحنفية والمالكية: إن السلب لم يكن للقاتل إلا يوم حنين، فتخصيص بعض المجاهدين به موكول إلى اجتهاد الإمام، فهو تصرف مقول بطريق الإمامة والسياسة. وما وقع منه صلّى الله عليه وسلم بالإمامة لا بد فيه من إذن الإمام في كل عصر من العصور.

وقال الشافعية والحنابلة: إن تنفيل السلب تصرف حادث من الرسول صلّى الله عليه وسلم بطريق الفتيا، لا بطريق الإمامة، وكل ما وقع منه بطريق الفتيا والتبليغ يستحق بدون قضاء قاض أوإذن إمام (٢).

وهذا الخلاف يجري في فهم حديث: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له» (٣) فهل يحتاج إصلاح الأرض لتملكها إلى إذن الإمام أو لا؟ رأيان كما لا حظنا.

والتنفيل بناء على رأي الفريق الأول إنما يكون في مباح القتل، فلا يستحق بقتل غير المقاتلة كالصبي والمرأة والمجنون ونحوهم. ولا يشترط في استحقاق النفل سماع القاتل مقالة الإمام؛ لأن إسماع كل المجاهدين متعذر.


(١) رواه أبو داود وأحمد وابن حبان والحاكم عن أنس (راجع نيل الأوطار: ٢٦٢/ ٧، نصب الراية: ٤٢٩/ ٣).
(٢) راجع الفروق للقرافي: ١٩٥/ ١، ٧/ ٣ وما بعدها.
(٣) رواه البخاري في صحيحه عن عائشة، وروي عن سبعة آخرين من الصحابة (راجع نصب الراية: ٢٨٨/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>