للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن في إلزام الغني حمل الطعام والعلف من دار الإسلام إلى دار الحرب، مدة الذهاب والإياب والإقامة، حرجاً عظيماً، فكانت الحاجة عامة.

ولا يباح لهم بيع شيء مما يباح الانتفاع به، إذ لا ضرورة إلى البيع، ولو باع أحدهم شيئاً ردّ ثمنه إلى الغنيمة، إن تم البيع قبل قسمة الغنيمة. أما بعد القسمة: فإن كان البائع غنياً تصدق بقيمة المبيع على الفقراء، لتعذر توزيعه على الغانمين، وإن كان البائع فقيراً أخذ القيمة؛ لأن المبيع، لو كان موجوداً، لكان له حق أكله.

وكذلك إذا فضل شيء من الطعام والعلف من الغانمين بعد الإحراز بدا ر الإسلام، فإنه قبل القسمة يرد إلى الغنيمة إن كان حامله غنياً، وإن كان فقيراً يأكل منه. أما بعد القسمة: فإن كان حامل الطعام أو العلف غنياً، تصدق به على الفقراء إن كان موجوداً، وبقيمته إن كان هالكاً، وإن كان فقيراً ينتفع به.

فإن لم يفضل شيء في يد من أخذ الطعام والعلف قبل الإحراز بدار الإسلام، فإنه لا يجوز الانتفاع بشيء من الغنيمة بعد الإحراز بدار الإسلام، لزوال المبيح، وهي الضرورة (١).

وأما ما عدا الطعام والعلف من الأموال: فلا يباح للمجاهدين أن يأخذوا شيئاً منها، لتعلق حق الجماعة بها، إلا أنه إذا احتاج أحدهم إلى استعمال شيء من السلاح أو الدواب أو الثياب، لصيانة سلاحه ودابته وثيابه، فلا بأس باستعماله، فإن استغنى عنه رده إلى المغنم؛ لأن المحظور يستباح للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها (٢).


(١) تبيين الحقائق، المرجع السابق: ص ٢٥٢ وما بعدها. البدائع: ١٢٤/ ٧، الكتاب مع اللباب: ١٢١/ ٤.
(٢) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>