للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد: الجواز أظهر الروايتين عن أبي حنيفة، وفدى الرسول عليه الصلاة والسلام الأسارى يوم بدر بالمال (١).

ويحرم المن على الأسرى عند جمهور الحنفية؛ لأن في المن تمكين الأسير من أن يعود حرباً على المسلمين، فيقوي عدوهم عليهم، وهو لا يحل.

ويرى الإمام محمد: أنه يجوز المن على بعض الأسارى إن رأى الإمام فيه النظر للمسلمين؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم منَّ على ثمامة بن أُثال الحنفي حين أسره المسلمون، وربطوه بسارية من سواري المسجد (٢).

لكن يجوز باتفاق الحنفية المن على الأسرى تبعاً للأراضي، كيلا يشغل الفاتحون بالزراعة عن الجهاد.

ومذهب الشافعية والحنابلة والإمامية والزيدية والظاهرية: أن الإمام أو من استنابه من أحد أركان حربه يفعل ماهو الأصلح والأحظ للإسلام والمسلمين من أحد أمور أربعة: وهي القتل والاسترقاق والمن والفداء بمال أو بأسرى، يفعل ذلك بالاجتهاد لا بالتشهي، فإن خفيت عليه المصلحة حبسهم حتى يظهر له وجهها. وتقدير المصلحة يتم بحسب ما يرى في الأسير من قوة بأس وشدة نكاية، أو أنه مأمون الخيانة، أو مرجو الإسلام، أو مطاع في قومه، أو أن المسلمين في حاجة إلى المال.


(١) رواه أبو داود عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربع مئة. وروى مسلم وأحمد عن أنس قصة اقتراح أبي بكر قبول الفداء منهم، ومعارضة عمر لذلك (نصب الراية: ٢ ص ٤٠٢ وما بعدها، نيل الأوطار: ٧ ص ٣٠٤، الإلمام: ص ٤٩٥).
(٢) رواه الشيخان وأحمد عن أبي هريرة (شرح مسلم: ١٢ ص ٨٧، نصب الراية، المرجع السابق: ص ٣٩١، نيل الأوطار، المرجع السابق: ص٣٠١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>