للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب مع الأعداء، وقصر آية المن على حالة ما بعد الانتهاء من الحرب والوقوع في قيد الأسر.

وقد منَّ الرسول صلّى الله عليه وسلم على ثُمامة بن أُثال الحنفي سيد أهل اليمامة (١) كما منَّ على أبي عزة الجمحي الشاعر، وأبي العاص بن الربيع، والمطَّلب بن حَنْطب يوم بدر، ومنَّ أيضاً على أهل مكة بقوله عليه السلام: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» وكذا منَّ على أهل خيبر (٢). وقال في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى، لتركتهم له» (٣) أي لأطلقتهم له بغير فداء أي بالمن.

وأما الفداء أو المفاداة: وهو تبادل الأسرى أو إطلاق سراحهم على عوض، فهو جائز بآية سورة محمد السابقة: {فإما مناً بعد وإما فداء} [محمد:٤/ ٤٧]، وأول حادثة فداء كانت إثر سرية عبد الله بن جحش، حيث قبل الرسول عليه الصلاة والسلام الفداء في الأسيرين اللذين أسرا في هذه السرية قبل غزوة بدر بشهرين (٤). وفيما بعد موقعة بدر كان فداء الأسارى أربعة آلاف درهم إلى ما دون ذلك (٥)، فمن لم يكن له شيء أمر أن يعلم صبيان الأنصار الكتابة والقراءة. وليس في المفاداة إعانة لأهل الحرب، كما قال المانعون للفداء، وهم الحنفية، إذ إن تخليص المسلم من قيد الأسر واجب لتمكينه من العبادة الحرة لله تعالى.

وأخرج مسلم عن إياس بن سَلَمة عن أبيه: أن سرية من المسلمين أتوا بأسرى، فيهم امرأة من بني فَزارة، فبعث بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، ففدى بها ناساً من المسلمين، كانوا أسروا بمكة.


(١) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة في قصة الخيل التي بعثها النبي صلّى الله عليه وسلم قبل نجد (راجع نيل الأوطار: ٣٠١/ ٧).
(٢) راجع هذه الحوادث في نصب الراية: ٣ ص ٣٩٨ - ٤٠٦، زاد المعاد لابن القيم: ٢ ص ١٦٥.
(٣) أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود عن جبير بن مطعم (نيل الأوطار، المرجع السابق، نصب الراية: ٣ ص ٤٠٥، سبل السلام: ٤ ص ٥٦، الإلمام: ص ٤٩٤).
(٤) راجع نصب الراية: ٢ ص ٤٠٣.
(٥) رواه الواقدي عن النعمان بن بشير (نصب الراية، المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>