للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعدل: هو فصل الخصومات بين المتنازعين بواسطة الشريعة الإسلامية والإحسان في العدل: هو موازنة الحقوق والواجبات عند تطبيق العدل.

والشريعة تفرض التكاليف مشروطة بالقدرة على الوفاء، لقوله تعالى: {لايكلف الله نفساً إلا وُسْعها} [البقرة:٢٨٦/ ٢]، وهذا يستوجب مبدأ إنظار المعسر لقوله تعالى: {وإن كان ذو عُسْرة فنَظِرَةٌ إلى ميسرة} [البقرة:٢٨٠/ ٢] فلا تكليف عند العجز، ولايخاطب الصبي ولا المجنون ولا الناسي، لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه الطبراني عن ثوبان: «رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

واشتراط القدرة يتطلب التخفيف عند المشقة، عملاً بالقاعدة الشرعية، (المشقة تجلب التيسير).

والقدرة تستوجب الاعتراف بنظرية الدفاع الشرعي والأخذ بنظرية الظروف الطارئة والقوة القاهرة، كالأخذ بمبدأ فسخ الإجارة للأعذار في مذهب الحنفية، وفسخ البيع حال تعرض الثمار للجوائح المهلكة أو المتلفة بقدر الثلث فأكثر في مذهب المالكية والحنابلة، فإذا كان الوفاء بالعقد واجباً لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة:١/ ٥] فإن هذا مقيد بمبدأ عدم إرهاق المدين بعقد لم تكن الظروف المستقبلية متوقعة فيه أو منتظرة له وقت التعاقد (١).

وتوازن القضاء يستدعي ضرورة التسوية بين الخصوم في كل شيء، ويندب في الإسلام اللجوء إلى الصلح قبل السير في إجراءات الدعوى؛ لأن الصلح يُبْقي جانب الود والسماحة والتفاهم، ويحقق توازناً أكثر مما يحققه الحكم القضائي.


(١) نظرية الضرورة الشرعية للدكتور وهبة الزحيلي ص٣١٦ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>