للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر إلى أبي موسى: «إياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس، والتنكر لهم عند الخصومة، فإذا رأيت الخصم يتعمد الظلم، فأوجع رأسه» ولأن القاضي إذا غضب تغير عقله، ولم يستكمل رأيه وفكره.

وفي معنى الغضب: كل ما شغل النفس من الهم والنعاس والجوع المفرط والعطش المفرط، والتخمة، والخوف، والمرض، وشدة الحزن والسرور، ومدافعة الأخبثين، فينبغي ألا يكون القاضي مشغولاً بهذه العوارض العشرة، حتى لا تمنع الحاكم من إصابة الحق؛ لأنها تمنع استحضار القلب والعقل، واستجماع الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب، فهي في معنى الغضب المنصوص عليه، فتجري مجراه، قال عليه السلام: «لا يقضي القاضي وهو غضبان

مهموم، ولا مصاب، ولا يقضي وهو جائع» (١).

فإن حكم القاضي في الغضب وما شاكله لا ينفذ قضاؤه عند بعض الحنابلة؛ لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.

وقال بعضهم وهو مذهب الشافعي والجمهور: ينفذ قضاؤه (٢).

وإذا أخطأ القاضي في قضائه، كان خطؤه على المقضي له، وإن تعمد الخطأ بجور، كان الخطأ عليه (٣).


(١) رواه أبو عوانة في صحيحه، وأخرج البيهقي والدارقطني والطبري بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «لايقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان» (مجمع الزوائد: ١٩٥/ ٤، نيل الأوطار: ٢٧٣/ ٨، تلخيص الحبير، المرجع السابق).
(٢) المبسوط: ٦٤/ ١٦، المغني: ٤٩/ ٩، مغني المحتاج: ٣٩١/ ٤، البدائع: ٩/ ٧، بداية المجتهد: ٤٦٢/ ٢.
(٣) مجمع الضمانات: ص ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>