للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - تزكية الشهود: لا يسأل القاضي عن حالة الشهود فيما سوى الحدود والقصاص، وهذا من آداب القضاء عند أبي حنيفة؛ لأن القضاء عنده بظاهر العدالة. وعند الصاحبين: من واجبات القضاء، وسأفصل الموضوع في بحث شروط أداء الشهادة. والسؤال يكون أولاً سراً، ثم يكون علانية خوفاً من الاحتيال والتزوير، بأن يسمى غير العدل باسم العدل، فإذا اتفق اثنان عدلان أو أكثر على تزكية رجل، قبل قوله وعمل به. وعدالة المزكين شرط؛ لأن من لا يكون عدلاً في نفسه، كيف يعدِّل غيره

وأما العدد: فهو شرط فضيلة وكمال عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن التزكية ليست بشهادة. وعند محمد: شرط جواز؛ لأن التزكية في معنى الشهادة.

ولو اختلف المعدلان، فعدله أحدهما، وجرحه الآخر، سأل القاضي غيرهما، فإن عدله آخر أخذ بالتزكية، وإن جرحه أخذ بالجرح؛ لأن خبر الاثنين أولى من خبر الواحد بالقبول؛ لأنه حجة مطلقة.

وإن عدله اثنان، وجرحه اثنان، عمل بالجرح؛ لأن المجرح يعتمد حقيقة الحال، والمعدل يبني الأمر على الظاهر؛ لأن الظاهر من حال الإنسان أن يظهر الصلاح، ويكتم الفسق، فكان قبول قول الجارح أولى.

وكذا لو جرحه اثنان، وعدله ثلاثة فأكثر، يعمل بقول الجارح عند الحنفية؛ لأن الترجيح لا يقع بكثرة العدد في موضوع الشهادات (١).

٦ - مصالحة الخصمين: لا بأس للقاضي أن يرد الخصوم إلى الصلح، إن تأمل منهما المصالحة، قال تعالى: {والصلح خير} [النساء:١٢٨/ ٤] فكان طلب الصلح طلباً للخير.


(١) البدائع: ١٠/ ٧ ومابعدها، مختصر الطحاوي: ص ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>