للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضريبة الأشخاص كضرائب الدخل الحالية ـ لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا». وروى أبو داود والبيهقي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه، أو كلّفه فوق طاقته، أو أخذ شيئاً بغير طيب نفسٍ منه، فأنا حجيجه يوم القيامة».

أما الخلاف الفقهي في المستأمن فينحصر في رأيين: رأي أبي حنيفة ومحمد، ورأي الجمهور، أما أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى: فيريان أن المستأمن الذي يقيم إقامة مؤقتة في دار الإسلام لا تطبق عليه العقوبات الشرعية إذا ارتكب جريمة متعلقة بحق الله تعالى، كشرب الخمر والزنى والسرقة، ولا تقام عليه الحدود؛ لأن المستأمن التزم بما فيه حقوق العباد، ولأن العقاب الديني لا ولاية كاملة فيه للحاكم المسلم على المستأمن، لتوقيت مدة إقامته في ديارنا. أما مسؤوليته مدنياً وجنائياً فيما يمس حقوق الأشخاص، كالقصاص والقذف والغصب والتبديد، فهو كبقية المسلمين وغير المسلمين المقيمين إقامة دائمة في بلاد الإسلام (الذميين المعاهدين) لما في ذلك من صلاح الجماعة، وزجر الجاني، وعهد الذمة القديم ما يزال ساري المفعول على غير المسلمين الحاليين المقيمين في البلاد الإسلامية.

وأما الجمهور ومنهم أبو يوسف والشيعة الإمامية والزيدية: فيرون أن المستأمن كالذمي تطبق عليه أحكام الشريعة، ويخضع لجميع أحكام المعاملات المدنية والجرائم المخلة بالأمن والنظام، ويعاقب على جرائمه التي تمس حق الشخص كالقصاص، والسرقة في رأيهم، والقذف وإتلاف الأموال، وكذا جرائمه التي تتعلق بحق الله تعالى كشرب الخمر والزنى، لما في ذلك من ممارسة حق السيادة للدولة، وللمحافظة على نقاوة المجتمع وسلامته وأمنه، ولأن المستأمن في دار الإسلام التزم بتطبيق أحكام الإسلام عليه بموجب العهد أو

<<  <  ج: ص:  >  >>