للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي النكاح، يحلف المنكر: (بالله ما بينكما نكاح قائم في الحال) لأنه قد يطرأ عليه الخلع.

وكذلك في دعوى الطلاق، يحلَّف المدعى عليه: (بالله ما هي بائن منك في هذه الساعة بالوجه الذي ذكرته المدعية) ولا يستحلف بالله ما طلقها، خلافاً لأبي يوسف، لاحتمال تجدد النكاح بعد البينونة، فيحلف على ما هو حاصل فعلاً في النهاية، لأنه لو حلف على السبب الذي هو الطلاق، لتضرر المدعى عليه، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد.

أما على قول أبي يوسف: فيحلف المدعى عليه في جميع هذه الصور على سبب الدعوى من طلاق ونحوه إلا إذا حدث منه تعريض للقاضي بأمر طارئ كما تقدم، فيقول المدعى عليه للقاضي إذا طلب منه اليمين: (بالله ما بعت أيها القاضي، إن الإنسان قد يبيع شيئاً، ثم يقيل فيه) أي يفسخ البيع بالإقالة (١).

العبرة في اليمين بنية القاضي المستحلف: يلاحظ أن العبرة في الحلف بنية القاضي المستحلف للخصم، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «اليمين على نية المستحلف» (٢) وقد حمل هذا الحديث على الحاكم؛ لأنه الذي له ولاية الاستحلاف، فلو أخذ بنية الحالف، لبطلت فائدة الأيمان وضاعت الحقوق؛ إذ كل أحد يحلف على ما يقصد، فلو ورَّى الحالف في يمينه، بأن قصد خلاف ظاهر اللفظ عند تحليف القاضي، أو تأول أي اعتقد خلاف نية القاضي، أو استثنى الحالف، كقوله عقب يمينه: «إن شاء الله»


(١) راجع تكملة فتح القدير: ١٧٧/ ٦ وما بعدها، اللباب شرح الكتاب: ٤١/ ٤ وما بعدها، البدائع: ٢٢٨/ ٦.
(٢) رواه مسلم عن أبي هريرة، وفي لفظ له: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك» (سبل السلام: ١٠٢/ ٤، الإلمام لابن دقيق العيد: ص ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>