للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبه، وأقام كل واحد منهما بينة أنها له نُتجت عنده أو عند بائعه أو عند مورثه، فكيف يقضي القاضي بينهما؟

نجد هنا ثلاثة افتراضات أذكر حكمها عند الحنفية:

أولاً ـ أن يدعي الخارج وصاحب اليد نتاج أي (منتوج) دابة، ويقيم كل واحد منهما بينة على النتاج من غير تاريخ، أو أرخا تاريخاً واحداً: فصاحب اليد أولى؛ لأن صاحب اليد لا يستحق الملك هنا بظاهر يده فقط، وإنما تثبت بينته شيئاً آخر عدا الحيازة باليد، وهوأولية الملك بالنتاج؛ لأن النتاج لا يتكرر حدوثه، كما تُثبت بينة الخارج، فاستوت البينتان في إظهار أولية الملك، وترجحت بينة ذي اليد باليد، فيقضى له. وذلك بخلاف الملك المطلق فهناك لا تُثبت بينته إلا ما هو ثابت له بظاهر يده، باعتبار أن الملك ينتقل ويتكرر حدوثه.

وفي هذا ورد حديث جابر: «أن رجلين اختصما في ناقة، فقال كل واحد منهما: نتجت هذه الناقة عندي، وأقاما بينة، فقضى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم للذي هي في يده» (١) ويقضى في ظاهر مذهب الحنفية لصاحب اليد قضاء حقيقة، لا أن يترك في يده قضاء ترك. وهو موافق لمذهب الشافعية.

وقال عيسى بن أبان: تتهاتر البينتان ويترك المدعى به في يد صاحب اليد قضاء ترك (٢).

ثانياً ـ أن يقيم أحد المتنازعين على النتاج، والآخر على الملك المطلق عن النتاج: إذا أقام أحد المتخاصمين البينة على النتاج، والآخر على الملك المطلق عن


(١) رواه الدارقطني والبيهقي وإسناده ضعيف.
(٢) راجع المبسوط: ٦٣/ ١٧، البدائع: ٢٣٤/ ٦، تكملة فتح القدير: ٢٣٥/ ٦، الدر المختار: ٤٥٩/ ٤، اللباب: ٣٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>