للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها ـ أن يكون بصيراً وقت التحمل، فلا يصح التحمل من الأعمى؛ لأن شرط التحمل هو السماع من الخصم، ولا يعرف الخصم إلا بالرؤية؛ لأن نغمات الأصوات يشبه بعضها بعضاً.

وقال الحنابلة (١): تحمل الشهادة يكون بالرؤية والسماع، فيجوز للأعمى أن يشهد فيما يتعلق بالسماع كالبيع والإجارة وغيرهما إذا عرف المتعاقدين، وتيقن أنه كلامهما.

وقال الشافعية (٢): لا تجوز شهادة الأعمى فيما يتعلق بالبصر لجواز اشتباه الأصوات، وقد يحاكي الإنسان صوت غيره، كما قال الحنفية، فلا يجوز أن يكون شاهداً على الأفعال كالقتل والإتلاف والغضب والزنا وشرب الخمر، وهذا ما قال به الحنابلة أيضاً، كما لا يجوز أن يكون شاهداً على الأقوال كالبيع والإقرار والنكاح والطلاق، إلا فيما سماه الشافعية بصورة الضبط: وهي أن يقر شخص في أذن الأعمى بنحو طلاق أو مال لشخص معروف، فيتعلق الأعمى به ويضبطه إلى أن يحضر عند الحاكم، فيشهد عليه بما سمعه منه، فتقبل شهادته في هذه الحالة على الصحيح.

ثالثها ـ معاينة المشهود به بنفسه لا بغيره إلا فيما تصح فيه الشهادة بالتسامع من الناس والاستفاضة؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم للشاهد: «إذا علمت مثل الشمس فاشهد، وإلا فدع» (٣) ولا يتم العلم مثل الشمس إلا بالمعاينة.

ولا يشترط لتحمل الشهادة البلوغ والحرية والإسلام والعدالة، وإنما هي شروط للأداء.


(١) المغني: ٥٨/ ٩ وما بعدها.
(٢) المهذب: ٣٣٤/ ٢ وما بعدها، مغني المحتاج: ٤٤٦/ ٤.
(٣) رواه الخلال في الجامع بإسناده عن ابن عباس بلفظ سبق ذكره. والمذكور هنا مروي بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>