للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لإسقاطها عن المتهم، فيشترط فيها استقصاء معرفة حال الشهود؛ ولأنها تدرأ بالشبهات.

وقال الصاحبان والفتوى على قولهما: لا بد من أن يسأل القاضي عن الشهود في السر والعلانية في سائر الحقوق؛ لأن القضاء قائم على الحجة، وهي شهادة العدول، فلا بد من التعرف على العدالة، وفي ذلك صيانة للحكم القضائي عن النقض والإبطال بسبب الطعن في عدالة الشهود (١).

قال المتأخرون من الحنفية: هذا الاختلاف اختلاف عصر وزمان، لا اختلاف حجة وبرهان؛ لأن زمن أبي حنيفة كان زمن خير وصلاح؛ لأنه زمن التابعين، وشهد لهم النبي صلّى الله عليه وسلم بالخيرية، بخلاف زمان الصاحبين، قال عليه الصلاة والسلام: «خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم إن من بعدهم قوماً يشهدون ولا يُستشهدون، ويخونون ولايؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن» (٢).

وقال فقهاء الحنفية: لا تقبل شهادة مُخنَّث، لفسقه، وهو الذي يفعل الرديء ويؤتى كالنساء. أما الذي في كلامه لين وفي أعضائه تكسر فهو مقبول الشهادة.

ولا تقبل شهادة نائحة في مصيبة غيرها بأجر، ولا مغنية، ولو لنفسها لحرمة رفع صوتها، خصوصاً مع الغناء، ولا شهادة مدمن الشرب لهواً، سواء أكان الشراب خمراً أم غيره لحرمة ما ذكر في الإسلام، ولا شهادة من يلعب بالطيور؛


(١) راجع المبسوط: ١١٣/ ١٦، فتح القدير: ١٢/ ٦ وما بعدها، البدائع: ٢٦٨/ ٦ وما بعدها، الدر المختار: ٣٨٨/ ٤، الكتاب مع اللباب: ٥٧/ ٤ وما بعدها، بداية المجتهد: ٤٥١/ ٢، مغني المحتاج: ٤٢٧/ ٤، المغني: ١٦٥/ ٩ وما بعدها.
(٢) رواه الشيخان وأحمد عن عمران بن حصين (نيل الأوطار: ٢٩٦/ ٨، سبل السلام: ١٢٦/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>