للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام: «لا تقبل شهادة بدوي على حضري» (١).

ولا تقبل شهادة العدو على عدوه بالاتفاق حتى عند الحنفية؛ لأن العداوة تورث التهمة، ولا يؤمن التقول فيها، ولقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تجوز شهادة الخائن، ولا خائنة، ولا ذي غِمْر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت، والقانع: الذي ينفق على أهل البيت» (٢) والمراد بالعدو الذي ترد شهادته: هو صاحب العداوة الدنيوية، وهو من يبغض المشهود عليه بحيث يتمنى زوال نعمته، ويحزن بسروره، ويفرح بمصيبته.

واتفقوا على جواز شهادة الأخ والعم والخال ونحوهم بعضهم لبعض، لانعدام التهمة؛ لأن مال كل واحد منهم مستقل عن الآخر عرفاً وعادة، فكانوا كالأجانب.

واختلفوا في شهادة أحد الزوجين للآخر، فردها جمهور الفقهاء؛ لأن كل واحد منهما يرث الآخر، وينتفع بماله عادة، فينتفع بشهادته لصاحبه.

وأجاز الشافعية قبولها؛ لأن الحاصل بين الزوجين عقد يطرأ ويزول فلا يمنع قبول الشهادة، كما لو شهد الأجير للمستأجر وعكسه.


(١) رواه أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: «لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية» (انظر نيل الأوطار: ٢٩١/ ٨، سبل السلام: ١٢٩/ ٤، الإلمام: ص ٥٢٠) والبدوي: من سكن البادية، نَسَب على غير قياس النسبة، والقياس بادوي، والقرية: المصر الجامع.
(٢) رواه أبو داود وأحمد وعبد الرزاق والبيهقي وابن دقيق العيد وابن ماجه بإسناد حسن، قال ابن حجر في التلخيص: وسنده قوي. وروايته من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقوله «ذو الغمر»: أي صاحب الشحناء والحقد، والغمر بكسر الغين وسكون الميم، وقال صاحب سبل السلام: بفتح الغين وفتح الميم وكسرها، والقانع: هو الخادم المنقطع إلى الخدمة، فلا تقبل شهادته للتهمة بجلب النفع لنفسه كالأجير الخاص (نصب الراية: ٨٣/ ٤، نيل الأوطار: ٢٩١/ ٨، سبل السلام: ١٢٨/ ٤، الإلمام: ص ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>