للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً ـ شهادة غير المسلمين على بعضهم: للفقهاء رأيان في قبول شهادة الكفار على بعضهم:

١ً - قال الحنفية: تقبل شهادة الكفار بعضهم على بعض، بدليل الكتاب والسنة والمعقول. أما الكتاب فقوله تعالى: {ومن أهل الكتاب مَنْ إن تأمنه بقنطار يؤده إليك} [آل عمران:٧٥/ ٣] فأخبر أن منهم الأمين على مثل هذا القدر من المال، ولا ريب أن الشهادة تعتمد على صفة الأمانة.

وقوله تعالى: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} [الأنفال:٧٣/ ٨] فأثبت لهم الولاية على بعضهم بعضاً، والولاية أعلى رتبة من الشهادة، وغاية الشهادة أن تشبه بها.

وأما السنة: فما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ائتوني بأربعة منكم يشهدون، قالوا: وكيف؟ الحديث» والذي في الصحيح: «مُرَّ على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيهودي قد حُمِّم (١)، فقال: ما شأن هذا؟ فقالوا: زنى، فقال: ما تجدون في كتابكم؟ .. الحديث» فأقام الحد بقولهم، ولم يسأل اليهودي واليهودية، ولا طلب اعترافهما وإقرارهما.

وقد جاء في القصة أنه صلّى الله عليه وسلم قال لليهود: «ائتوني بأربعة منكم يشهدون عليه» فقد قبل النبي شهادتهم على الفعل وحكم بناء عليها.

وأما المعقول: فهو أن الكفار يتعاملون فيما بينهم بأنواع المعاملات من المداينات وعقود المعاوضات وغيرها، وتقع بينهم الجنايات، ولا يحضرهم غالباً


(١) التحميم: تسخيم الوجه بالفحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>