للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينكم إذا حضر أحدَكم الموتُ حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم، أو آخران من غيركم، إن أنتم ضربتم في الأرض، فأصابتكم مصيبة الموت} [المائدة:١٠٦/ ٥].

وصح عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: «هذا لمن مات، وعنده المسلمون فأمر الله أن يشهد في وصيته عدلين من المسلمين» ثم قال تعالى: {أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض} [المائدة:١٠٦/ ٥] فهذا لمن مات، وليس عنده أحد من المسلمين، فأمر الله عز وجل أن يشهد رجلين من غير المسلمين. فإن ارتيب بشهادتهما، استحلفا بعد الصلاة بالله: لا نشتري بشهادتنا ثمناً، وقضى به ابن مسعود في زمن عثمان، وكذلك علي، وقضى به أبو موسى الأشعري في الكوفة وكثير من التابعين.

وعن سعيد بن المسيب: {أو آخران من غيركم} [المائدة:١٠٦/ ٥] قال: «من أهل الكتاب» وفي رواية صحيحة عنه: «من غير أهل ملتكم».

وصح عن شريح قال: «لا تجوز شهادة المشركين على المسلمين إلا في الوصية. ولا تجوز في الوصية إلا أن يكون مسافراً».

وصح عن الشعبي: {أو آخران من غيركم} [المائدة:١٠٦/ ٥] قال: «من اليهود والنصارى».

وأما ادعاء نسخ هذه الآية ـ فيما روي عن زيد بن أسلم وغيره ـ فيرده ما صح عن عائشة ـ فيما يرويه جبير بن نفير ـ أنها قالت: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت: نعم، قالت: فإنها آخر سورة أنزلت، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيهامن حرام فحرموه. فالحق أن الآية محكمة، وأن حكمها شرع دائم، وأن شهادة غير المسلمين جائزة مقبولة في الوصية إذا كان المسلم على سفر، ولم يجد أحداً من المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>