للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المحلوف به: فقد اتفق الفقهاء على أن اليمين المنعقدة هي القسم بالله تعالى، أو بصفة من صفاته مثل: والله، ورب العالمين، والحي الذي لا يموت، ومَن نفسي بيده، أو وعزة الله وعظمته، ولا يجوز الحلف بغير الله تعالى، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً، فليحلف بالله أو ليصمُت» قال عمر: «فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عنها ذاكراً ولا آثراً» (١) أي حاكياً. ولقوله عليه السلام أيضاً: «من حلف بغير الله فقد أشرك» وفي لفظ: «فقد كفر» (٢) وقوله فيما رواه النسائي: «لا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون».

واكتفى الجمهور غير المالكية بلفظ الجلالة فقط، لقوله تعالى: {يحلفون بالله لكم ِليُرضوكم} [التوبة:٦٢/ ٩] {يحلفون بالله: ما قالوا} [التوبة:٧٤/ ٩] ولا قتصاره صلّى الله عليه وسلم على ذلك في يمينه بغزو قريش قائلاً: «والله لأغزون قريشاً» (٣).

وقال المالكية (٤): يضم إليه عبارة «لا إله إلا هو» لقوله صلّى الله عليه وسلم لرجل حلَّفه: «احلف بالله الذي لا إله إلا هو» (٥).

واليمين تنعقد بمجرد النطق بها ولو هزلاً؛ لأنها من الأحوال التي يستوي فيها الجد والهزل، لا يقبل قول الحالف في القسم: لم أرد اليمين، لا في الظاهر، ولا فيما بينه وبين الله تعالى (٦).


(١) أخرجه الجماعة إلا النسائي عن ابن عمر (نصب الراية: ٢٩٥/ ٣).
(٢) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم.
(٣) رواه أبو داود عن ابن عباس (نيل الأوطار: ٢٢٠/ ٨).
(٤) المبسوط: ١٨/ ١٦، القوانين الفقهية: ص ٣٠٦، المهذب: ٣٢٢/ ٢، كشاف القناع: ٢٢٨/ ٦، المغني: ٢٢٦/ ٩.
(٥) رواه أبو داود بسند صالح والنسائي.
(٦) المحلي على المنهاج: ٢٧٠/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>