للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث ـ يمين الاستيثاق أو الاستظهار: وهي التي يحلفها المدعي بطلب القاضي لدفع التهمة عنه بعد تقديم الأدلة المطلوبة في الدعوى. فهي تكمل الأدلة كالشهادة، ويتثبت بها القاضي.

ويلجأ إليها القاضي عادة إذا كانت الدعوى بحق على غائب أو ميت، ويحتمل أن يكون المدعي قد استوفى دينه من الميت أو الغائب أو أبرأه عنه، أو أخذ رهناً مقابله، وليس للشاهدين علم بذلك. فيحلِّف القاضي المدعي؛ لأن البينة لا تفيد إلا غلبة الظن، فيستحق ما ادعاه بالبينة واليمين معاً، فهي يمين القضاء بعد ثبوت الحق على الغائب والمحجور، وقد أجيزت استحساناً بسبب احتمال الشبهة والشك عند غياب المدين.

وقد أيدها ابن القيم قائلاً: وهذ القول ليس ببعيد من قواعد الشرع، ولا سيما مع احتمال التهمة. وكان علي يستحلف المدعي مع شهادة الشاهدين. وكان شريح يستحلف الرجل مع بينته، وقال الأوزاعي والحسن بن حَيّ: يستحلف مع بينته وهو قول النخعي والشعبي وابن أبي ليلى أيضاً (١).

[أحوال يمين الاستظهار]

أجاز الفقهاء هذه اليمين في أحوال استثنائية للضرورة أو الحاجة، فقال المالكية (٢): توجه هذه اليمين في نفقة الزوجة، وفي الدعوى على الغائب واليتيم والوقف والمساكين وفي كل وجوه البر، وعلى بيت المال، وعلى كل من استحق شيئاً من الحيوان وغيره. ويحلف المدعي أيضاً إذا شهد له اثنان على خط غريمه، وفي شهادة التسامع والاستفاضة، والبينة على الغريم المجهول الحال بكونه معدماً.


(١) الطرق الحكمية: ص ١٤٥ وما بعدها، المبسوط: ١١٨/ ١٦، تبصرة الحكام لابن فرحون بهامش فتح العلي المالك للشيخ عليش: ٢٧٥/ ١ وما بعدها.
(٢) تبصرة الحكام، المكان السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>