للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليتمكن الغير من استيفائه، فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان بالحبس ونحوه؛ لأن المقر لزمه تفريغ ذمته التي شغلها بصحيح إقراره، ويتم ببيان مقدار المقر به.

وهذا بخلاف جهالة المقر له، فإن جهالته تفسد الإقرار؛ لأن المجهول لا يصلح مستحقاً، وبخلاف جهالة المقر، فإنها تفسد الإقرار أيضاً لجهالة المقضي عليه بوجوب دفع الحق إلى صاحبه، فلا يتمكن المقر له من المطالبة، فيصبح الإقرار عديم الفائدة (١).

وعلى هذا، إن جهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار، وجهالة المشهود به تمنع صحة الشهادة والقضاء؛ لأنه لا يمكن القضاء بمجهول، وأما في الإقرار فيطالب المقر ببيان الشيء أو الحق الذي أقر به، والقول قوله مع يمينه. ويظهر الحكم في المسائل الآتية التي تعتبر نموذج القبول عند القاضي لبيان ما يبينه المقر:

[في الغصب]

١ ً - إذا أقر إنسان أنه «غصب من فلان مالاً» أو قال «لفلان علي شيء، أو حق» فالإقرار صحيح ويلزمه أن يبين شيئاً له قيمة، ولا يقبل منه أن يبين شيئاً لا قيمة له، لأنه في المثال الأول لا يرد الغصب إلا على ما هو مال، وفي المثال الثاني أخبر المقر عن التزامه شيئاً في ذمته، وما لا قيمة له لا يلزم في الذمة.

٢ً - وإذا قال: «غصبت منه شيئاً» ثم بين ما لا قيمة له شرعاً، بأن قال: (غصبت صبياً حراً صغيراً) أو (خمراً لمسلم) أو (جلد ميتة) يصدق؛ لأن هذا مما يغصب عادة.


(١) تبيين الحقائق: ٤/ ٥، تكملة فتح القدير، المرجع نفسه: ص٢٨٢، اللباب: ٧٦/ ٢، الدر المختار: ٤٦٩/ ٤، مغني المحتاج: ٢٤٧/ ٢، المهذب: ٣٤٨/ ٢، المغني: ١٧١/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>