للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ً - ولو قال: (غصبت شاة أو ثوباً): فيصدق في بيان كون ذلك سليماً أو معيباً، أو قال: (غصبت داراً) يصدق سواء أكانت الدار في بلدة قريبة أم بعيدة؛ لأن الغصب يقع على حسب ما يصادف الشخص عادة، سواء أكان سليماً أم معيباً، ويصدق في بيان مكان الدار؛ لأنه أبهم المكان، فكان القول قوله في بيان المكان، ويلزمه تسليم الدار إلى المغصوب منه إن قدر على التسليم (١). وإن عجز عن التسليم، بأن خربت الدار، فالقول قول المقر عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ولا يضمن العقار عندهما؛ لأنه غير مضمون القيمة بالغصب في رأيهما، وإنما هو مضمون الرد فقط؛ لأن معنى الغصب وهو إزالة يد المالك عن ماله بفعل في المال لم يوجد في العقار.

وعند محمد: يضمن قية الدار؛ لأن العقار عنده مضمون الرد إن كان موجوداً، ومضمون القيمة أيضاً إن كان هالكاً؛ لأن الغصب إزالة يد المالك عن ماله، والفعل في المال ليس بشرط، وقد تحقق هذا المعنى بإبعاد يد المالك عن العقار (٢).


(١) البدائع: ٢١٥/ ٧ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٢٨٦/ ٦، المبسوط: ١٨٥/ ١٧، مجمع الضمانات: ص ١١٧.
(٢) الخلاف بين أئمة الحنفية راجع إلى اختلافهم في ضمان العقار المغصوب بالهلاك، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا غصب رجل عقاراً، فهلك في يده بآفة سماوية كغلبة سيل، لم يضمنه، لعدم تحقق الغصب بإزالة اليد؛ لأن العقار في محله بلا نقل، والتبعيد للمالك عنه فعل في المالك، لا في العقار، فكان الحال كما إذا بعد المالك عن المواشي. وقال محمد: يضمنه لتحقق إثبات اليد الغاصبة التي يترتب على ثبوتها زوال يد المالك لاستحالة اجتماع اليدين على محل واحد في حالة واحدة.
فإذا انهدم البناء بفعل الغاصب ضمنه باتفاقهم جميعاً؛ لأن ما فعله إتلاف، والعقار يضمن بالإتلاف (راجع البدائع: ١٤٧/ ٧، اللباب شرح مختصر الكتاب: ١٨٩/ ٢) وراجع بحث الغصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>