للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غصباً): فالقول قول المقر مع يمينه؛ لأن المقر ما أقر بسبب الضمان وهو الأخذ أو القبض، بخلاف ما سبق (١).

الاستثناء في الإقرار: إن استثناء بعض ما دخل في المستثنى منه جائز بغير خلاف، فهو ثابت في لغة العرب، وورد في الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً} [العنكبوت:٢٩/ ١٤] وقال: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس} [الحِجر:١٥/ ٣٠] وقال النبي صلّى الله عليه وسلم في الشهيد: «يكفِّر عنه خطاياه كلها إلا الدين» (٢).

فإذا أقر رجل بشيء واستثنى منه، كان مقراً بالباقي بعد الاستثناء، فإذا قال: (له علي مئة إلا عشرة) كان مقراً بتسعين، ولذا قال في تعريف الاستثناء: إنه تكلم بالباقي بعد الثُنْيا (٣).

ولا يصح الاستثناء إلا أن يكون متصلاً بالكلام السابق، بأن يتصل المستثنى بالمستثنى منه بحيث يعد معه كلاماً واحداً عرفاً، فلا يصح الفصل بسكوت طويل وكلام أجنبي؛ لأن الاستثناء مغاير لما قبله، ولايضر الفصل اليسير لعارض كسكتة تنفس أو عي أو تذكر أو انقطاع صوت أو سعال أو عطاس، ويصح استثناء القليل من الكثير اتفاقاً، كما يصح عند الحنفية فقط استثناء الكثير من القليل في ظاهر الرواية. ولايصح استثناء الكل من الكل بغير خلاف؛ لأن الاستثناء رفع بعض


(١) راجع البدائع: ٢١٧/ ٧ وما بعدها، المبسوط: ١٢٦/ ١٨، مختصر الطحاوي: ص ١١٥، مجمع الضمانات: ص ٣٧٦.
(٢) هذا مأخوذ من مفهوم حديث طويل رواه مسلم والترمذي والنسائي عن أنس، وأخرج مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين» (التاج الجامع للأصول: ٢٩٧/ ٤، الإلمام: ص ٤٨٣).
(٣) بضم فسكون فألف مقصورة في آخره: اسم من الاستثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>