للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإقرار في المرض نوعان: إقرار باستيفاء الدين من غيره، وإقرار بالدين لغيره.

أما إقرار المريض باستيفاء الدين من غيره: فيصح إذا كان الدين على أجنبي في حال الصحة، ولا يصح إذا كان الدين ناشئاً حال المرض لتعلق حق الغرماء بمال المريض. كذلك لا يصح إذا أقر باستيفاء دين وجب له على وارث؛ لأن إقراره بالاستيفاء إقرار بالدين، وإقرار المريض لوارثه باطل.

وأما إقرار المريض بالدين لغيره: فإن كان إقراراً لأجنبي جاز عند أكثر العلماء؛ لأنه غير متهم به في حقه، قال عمر وابنه عبد الله: (إذا أقر المريض بدين لأجنبي، جاز ذلك من جميع تركته).

وإن كان إقراراً بالدين لوارث: لم يصح إقراره عند الحنفية والحنابلة إلا ببينة أو بموافقة بقية الورثة أو بمشاهدة القاضي؛ لأنه متهم في هذا الإقرار، لجواز أنه آثر بعض الورثة على بعض، ولأنه تعلق حق الورثة بماله في مرضه، ولهذا يمنع من التبرع على الوارث أصلاً.

وقال عمر وابنه في الأثر السابق: (إذا أقر المريض لوارثه لم يجز) وروى الدراقطني في سننه عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لاوصية لوارث، ولا إقرار له بالدين) (١) إلا أن هذه الزيادة في الحديث غير مشهورة، وإنما المشهور هو قول ابن عمر السابق. فإن صدق المقر بقية الورثة فيما أقر به لواحد منهم صح الإقرار؛ لأن المانع تعلُّق حقهم في التركة، فإذا صدقوه زال المانع (٢).


(١) هذا حديث مرسل: وفيه نوح بن درَّاج ضعيف، وأسنده أبو نعيم الحافظ، ثم ذكر ما معناه أنه روي مرسلاً أيضاً، قال ابن القطان: وهو الصواب (نصب الراية: ١١١/ ٤).
(٢) المبسوط: ٢٤/ ١٨، ٣١، البدائع: ٢٢٤/ ٧، تكملة فتح القدير: ٨/ ٧ وما بعدها، الدر المختار: ٤٨١/ ٤، المغني: ١٩٧/ ٥، تبيين الحقائق: ٢٥/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>