للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا ذكر فقهاء الحنفية (١) مسائل، فقالوا: من أقر بدين لأجنبي عنه في مرض موته ثم قال: هو ابني، ثبت نسبه منه وبطل إقراره له؛ لأن دعوى النسب تستند إلى وقت العلوق (بدء الحمل) فتبين أنه أقر لابنه فلا يصح إقراره.

ولو أقر لأجنبية، ثم تزوجها، لم يبطل إقراره لها؛ لأن الزوجية طارئة يقتصر وجودها على زمان التزوج.

ومن طلق زوجته في مرض موته طلاقاً ثلاثاً أو أقل بطلب منها ثم أقر لها بدين ومات وهي في العدة، فلها الأقل من الدين الذي أقر به، ومن ميراثها منه؛ لأن الزوجين متهمان في ذلك، لجواز أن يكونا توصلا بالطلاق إلى تصحيح الإقرار، فيثبت أقل الأمرين. فإن تم الطلاق بغير طلب المرأة، كان الزوج فارَّاً بطلاقه لحرمانها من الميراث، فلها الميراث بالغاً ما بلغ ويبطل الإقرار. وإذا انقضت عدتها قبل موته، ثبت إقراره ولا ميراث لها.

وقال الشافعية على المذهب: يصح إقرار المريض مرض الموت لوارث، كما يصح لأجنبي؛ لأن من صح إقراره له في الصحة، صح إقراره في المرض كالأجنبي؛ ولأن الظاهر أن المقر محق في إقراره؛ لأنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب، ويتوب فيها الفاجر (٢).

ومنشأ الخلاف بين الحنفية والشافعية في الإقرار هو أن الشافعية قالوا: إن الفعل إذا وجد مطابقاً لظاهر الشرع حكم بصحته، ولا تعتبر التهمة في الأحكام؛ لأن الأحكام تتبع الأسباب الجلية دون المعاني الخفية. وقال أبو حنيفة رضي الله


(١) الكتاب مع اللباب: ٨٥/ ٢ وما بعدها.
(٢) مغني المحتاج: ٢٤٠/ ٢، المهذب: ٣٥٤/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>