للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه:

كل فعل تمكنت التهمة فيه، حكم بفساده، لتعارض دليل الصحة والفساد (١).

وقال المالكية: يصح إقرار المريض مرض الموت إذا لم يتهم المقر في إقراره، ويبطل إن اتهم، كمن له بنت وابن عم، فأقر لابنته، لم يقبل، وإن أقر لابن عمه قبل، لأنه لا يتهم في أنه يمنع ابنته ويصل ابن عمه (٢).

هل يفضل دين الصحة؟ لو أقر شخص في صحته بدين لإنسان، وأقر في مرضه لآخر: فقال الحنفية: دين الصحة وما لزمه في مرضه بسبب معروف، أي (ما ليس بتبرع) يقدم على ما أقر به في مرض موته، فإذا أقر رجل في مرض موته بديون، وكان عليه ديون لزمته حال صحته، سواء علم سببها أو ثبتت بإقراره، وعليه أيضاً ديون لزمته في مرضه، لكن علم سببها كبدل شيء تملكه أو أهلكه، أو مهر مثل امرأة تزوجها: فدين الصحة والدين الذي عرف سببه حال مرضه مقدم على ما أقر به في مرضه؛ لأن الإقرار لا يعتبر حجة إذا كان فيه إبطال حق الغير، وإقرار المريض يترتب عليه إبطال حق الغير؛ لأن حق غرماء الصحة تعلق بمال المريض بدلاً من ذمته كما أشرت، ولهذا منع المريض مرض الموت من التبرع ومحاباة أحد الغرماء مطلقاً إذا أحاطت الديون بماله، فإن لم يكن عليه دين يمنع من التبرع بما يزيد عن ثلث التركة.

وإنما تقدم ديون المرض المعروفة السبب ببينة أو بمعاينة القاضي؛ لأنه لا تهمة في ثبوتها؛ لأن الشيء المعاين لا مرد له. ولا يجوز للمريض أن يحابي أحد الغرماء، فيقضي دين البعض دون البعض؛ لأن في إيثار البعض إبطال حق


(١) تخريج الفروع على الأصول: ص ١٠٢.
(٢) المغني: ١٩٧/ ٥، الشرح الكبير: ٣٩٨/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>