للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأحكامها، كما أن القضاء المستقل أو الكائن بيد الإمام ينفذ أحكام الشريعة، أي أوامر الله (١)، ومن أهم مبادئ الإسلام في هذه المصادر هو الشورى التي لا تهادن الاستبداد في مختلف صوره وأشكاله، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي» (٢) وهذا أوضح نص يبين سيادة التشريع الإسلامي، ومطالبة كل مسلم بالعمل بما جاء فيهما، وإن خالف إرادة الحاكم، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في معروف .. ويمكن توضيح ما سبق في تحديد العلاقة بين السلطات بما يأتي (٣):

إن فصل السلطات الثلاث في الإسلام (التشريع بمعنى الاجتهاد والتنفيذ والقضاء) يقوم على أساس فصل الوظيفة التشريعية، أي الاجتهاد عن سائر الوظائف الأخرى، لا على أساس الفصل العضوي، أي الشخص القائم بكل سلطة. فالإمام أو القاضي حينما يجتهد إنما يفعل ذلك لا بوصفه خليفة أو قاضياً، وإنما بسبب كونه مجتهداً يستنبط الأحكام الشرعية من نصوص وأصول ومبادئ الشريعة. وكذلك فإن إدماج السلطتين القضائية والتنفيذية في شخص الإمام، أي من الناحية العضوية لم يكن يؤثر في استقلال القضاة في مباشرة وظائفهم، لالتزام الكل بالتشريع الإسلامي.

وحينئذ فلا خطر من عدم وجود الفصل العضوي أو الشخصي بين السلطات، كما عليه الدول الحديثة؛ لأن الوازع الديني هو أساس عمل المسلم،


(١) النظريات السياسية الإسلامية للدكتور ضياء الدين الريس: ص ٣٣٥، ط الثالثة، منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد: ص ١٠١ وما بعدها، ط الأولى.
(٢) رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) راجع السلطات الثلاث لأستاذنا الدكتور سليمان الطماوي: ص ٤٧٢ - ٤٧٧، منهاج الحكم في الإسلام لمحمد أسد: ص ١٠١ - ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>