للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب وعلم من سنة رسول الله في ذلك الأمر سنة قضى بها، فإن أعياه أن يجد في سنة رسول الله، جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم، فإن أجمع رأيهم على أمر قضى به.

وكذلك كان يفعل عمر رضي الله عنه، وبقية الصحابة، وأقرهم على هذه الخطة المسلمون (١). وقد بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه قاضياً بالإسلام إلى اليمن، فقال له الرسول: كيف تقضي يا معاذ إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد برأيي ولا آلو (أي لا أقصر في الاجتهاد) فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم على صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله (٢). وروى مالك عن علي قال: قلت: يا رسول الله، الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه القرآن ولم تمض فيه منك سنة؟ فقال: اجمعوا العالمِين من المؤمنين، فاجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد (٣).

لكن الأمة بما لديها من خبرة واحتكاك بالمجتهدين فيها هي التي تختار أولي الحل والعقد حسبما تقتضي تطورات الظروف الاجتماعية والاقتصادية (٤)، فتكون إرادتها ممثلة بواسطة هؤلاء العلماء المتخصصين الذين اختارتهم، وقيدتهم بمبادئ الإسلام وأحكامه، وبالمصالح العامة فيما لا نص ولا إجماع فيه من الأمور الدنيوية والقضايا الاجتماعية المتجددة أو المتطورة.


(١) أصول الفقه الإسلامي للمؤلف: ٤١٨/ ١، ط دار الفكر.
(٢) قال الشوكاني في إرشاد الفحول: ص ٢٢٧: «وهو حديث مشهور له طرق متعددة ينتهض مجموعها للحجة، كما أوضحت ذلك في مجموع مستقل» وقد رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن عدي والطبراني والبيهقي، وهو حديث مرسل في الأصح.
(٣) أعلام الموقعين: ٧٣/ ١.
(٤) مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها للأستاذ علال الفاسي: ص ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>