للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففرض علينا طاعة أولي الأمر فينا، وهم الأئمة المتأمرون علينا. وروى هشام بن عروة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم، وأطيعوا في كل ماوافق الحق، فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم». وهناك آيات أخرى مثل قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} [المائدة:٤٩/ ٥] {وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله} [آل عمران:١٥٩/ ٣]. ومارس النبي عليه السلام سلطات سياسية لا تصدر من غير قائد دولة، كإقامة الحدود وعقد المعاهدات وتعبئة الجيوش

وتعيين الولاة وفصل الخصومات بين الناس في الشؤون المالية والجنائية ونحوها (١).

٢ً - البرهان العقلي ـ الشرعي: وهو توفير النظام ودرء الفوضى، أي أن الاجتماع والتمدن طبيعي في البشر، وكل اجتماع يؤدي إلى التنازع والتزاحم والاختلاف بسبب حب الذات والحرص على المصالح الذاتية، وتحقيق أكبر قدر من المصالح الشخصية، والتنازع يفضي غالباً إلى الخصام والصراع والهرج والفوضى المؤذنة بهلاك البشر وانقراض النوع الإنساني إذا لم تنظم الحقوق وتحدد الواجبات ويفرض النظام، ويقوم الوازع الرادع، ويتم ذلك بالسلطان. قال الماوردي (٢): تجب الإمامة عند طائفة عقلاً لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم، ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم، ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين، وهمجاً مضاعين، وقد قال الأفواه الأودي ـ وهو شاعر جاهلي:


(١) راجع زاد المعاد لابن القيم: ١٢٤/ ٢ وما بعدها.
(٢) الأحكام السلطانية، المكان السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>