للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أهل السنة: ليس الحديث حجة في الدلالة على إمامة علي، لكونه مخصوصاً بواقعة حال معينة: وهي الاستخلاف على المدينة، كما يستخلف كل قائد أحداً بعده في إدارة ولايته حال غيبته. ثم إن النبي صلّى الله عليه وسلم قد خلف علياً في أهله، وليست الخلافة في الأهل كالخلافة على البشر. والاستخلاف المقيد بالغيبة لا يكون باقياً بعد انقضائها، كما لم يبق في حق هارون (١).

وقد أجاب الباقلاني عنه بأنه لا يجب أن نفهم من هذا الحديث بأنه نص على خلافته بعده؛ لأن معناه أني أستخلفك على أهلي وعلى المدينة إذا توجهت إلى هذه الغزوة. وهذا واضح من سياق الحديث الذي رواه سعد بن أبي وقاص قال: إن علياً لحق بالنبي صلّى الله عليه وسلم بعد أن استخلفه، وقال له: أتتركني مع الأخلاف؟! فأجابه الرسول صلّى الله عليه وسلم بقوله: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي».

[٣ - حديث الراية يوم خيبر]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم محدداً أوصاف علي لقيادته معركة خيبر: «لأعطين الراية غداً إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرَّار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يده» وهو حديث صحيح رواه البخاري والترمذي والحاكم. هذه الصفات أصبحت خاصة بعلي رضي الله عنه، مما يدل على أفضليته وبالتالي أحقيته للإمامة؛ لأن الإمامة للأفضل. ورد أهل السنة على الاستدلال به بأنه لا ملازمة بين كونه محباً لله ولرسوله ومحبوباً منهما، وبين كونه إماماً، كما لا يلزم من إثباتهما له نفيهما عن غيره (٢)، فقد قال الله تعالى في حق أبي بكر: {يا أيها


(١) نظرية الإمامة، صبحي: ص ٢٢٥ وما بعدها.
(٢) المرجع السابق: ص ٢٣١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>