للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن يلاحظ أن التاريخ لا تتقرر أحكامه بالافتراض، والاحتمال المنطقي، وإنما يعتمد الخبر والرواية والنظر في مدى صحتها وصدقها وتمحيص الوثائق المنقولة. وما اعتمد عليه الشيعة من أخبار ناتج عن الفكرة المسيطرة على أذهانهم سابقاً بوجوب النص، واستخلاف علي رضي الله عنه بالذات.

والخلاصة: أنه لم يثبت يقيناً نص صريح قطعي يدل على إمامة علي أو غيره، ولم يصح في ذلك شيء عند أحد من أئمة النقل (١).

وحبذا لو طوينا هذا الخلاف السياسي القديم بين أهل السنة والشيعة، وأنهينا كل ما خلفه من عصبيات موروثة وخلافات جانبية، وأدركنا جميعاً ضرورة الحفاظ على الوحدة الإسلامية، وحدة الصف أمام العدو الخارجي فقط، وأن الكل مسلمون، يعملون للإسلام دون تفرقة بين الطوائف؛ لأن الخلاف بينها ليس في الأصول قطعاً، وإنما في جوانب هي أقل من الفروع والجزئيات، ولا يصح أن نتحمل آثار ومخلفات الماضي السياسية، ولا أن تبقى سبباً للخلاف؛ لأن الدين واحد، والعقيدة واحدة، والدستور واحد واضح في القرآن والسنة، وخلاف الرجال لا يصح أن يشتت وحدة الأمة.

[تعيين الإمام بولاية العهد أو الاستخلاف]

ولاية العهد: هي أن يعهد الإمام إلى شخص بعينه أو بواسطة تحديد صفات معينة فيه، ليخلفه بعد وفاته، سواء أكان قريباً أم غير قريب.

رأى الفقهاء جواز انعقاد الإمامة بولاية العهد أو بالإيصاء إذا توافرت في ولي العهد شروط الخلافة، وتمت له البيعة من الأمة. فهي إذن بمثابة ترشيح


(١) مقدمة ابن خلدون: ص ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>