للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتسع سلطان القاضي تدريجياً، فأصبح ينظر بالإضافة إلى المنازعات المدنية في أمور إدارية أخرى كالأوقاف وتنصيب الأوصياء. وقد يجمع القاضي بين القضاء والشرطة والمظالم والحسبة ودار الضرب وبيت المال (١).

وكان نظام التحكيم معمولاً به بجانب القضاء. وانفصل قضاء المظالم وولاية الحسبة عن القضاء.

إلا أن القضاء العادي كان أسبق نشأة من غيره عندما تولاه الرسول صلّى الله عليه وسلم في المدينة وهو يفترض وجود اعتداء على حق شخصي وقيام خصومة بين شخصين. ثم ظهر نظام الحسبة في زمن المهدي للنظر في الاعتداءات الواقعة على المصالح العامة التي تمس أمن الجماعة وإن لم يوجد فيها مدعٍ شخصي لحماية حق خاص به. ثم وجد قضاء المظالم لحماية الحقوق والحريات من جور الولاة والحكام واستبداد الأقوياء حينما توسعت الدولة وضعف الوازع الديني وامتدت أطماع القواد إلى أموال الرعية. ومن أجل إقرار العدالة وإحقاق الحق لا بد من توافر الأسس التالية للقضاء في الإسلام:

أولاً ـ اعتماده على العقيدة والأخلاق: لتربية الضمير والوجدان، وتهذيب النفس، وإعداد الوازع الديني والخلقي المهيمن على سير الدعوى. وهو مطلوب في اختيار القاضي، وعند رفع الدعوى، وفي معاملة الخصوم، وفي إصدار الأحكام وتنفيذها، وفي الإثبات الشرعي والتزام أحكام الشريعة ونحوها.

ثانياً ـ ضرورته في كل دولة: القضاء أمر لازم لكل دولة، كما اتضح من ممارسة الرسول صلّى الله عليه وسلم له، ومتابعة الخلفاء سنته واهتمامهم بتنظيمه. فهو إذن يحتل


(١) مقدمة ابن خلدون: ص ١٩٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>