للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً - الاعتراف الكامل: لا يكفي لنشوء الدولة الجديدة ـ كما تقدم ـ توافر وقائع مادية فقط (وهي الشعب والإقليم والسلطة الحاكمة) وإنما لا بد من أن يصاحب هذا النشوء إجراء قانوني هو الاعتراف بالدولة، ومقتضاه التسليم من جانب الدول القائمة بوجود هذه الدول وقبولها كعضو في المجتمع الدولي، وذلك يتم بإحدى صورتين:

أـ الاعتراف بالدولة: يوجد هذا الاعتراف عادة بظهور دولة جديدة مستقلة وهو يتضمن الاعتراف بكل حكومة شرعية تقوم فيها، ويتم إما صراحة أوعلناً بالنص عليه في معاهدة أو في وثيقة دبلوماسية، وإما ضمناً بطريق التعامل مع الدولة الجديدة كتبادل التمثيل السياسي أو القنصلي، أو إبرام معاهدات معها أو دعوتها لحضور المؤتمرات باعتبارها دولة مستقلة.

ب ـ الاعتراف بالحكومة: محل هذا الاعتراف هو حكومة جديدة وجدت في دولة قديمة نتيجة ثورة شعبية، أو انقلاب عسكري (١) يؤدي إلى تغيير نظام الحكم فيها، وإحلال حكومة جديدة محل الحكومة القديمة (٢).


(١) تنعقد الإمامة عند فقهاء الإسلام بوجهين: أحدهما: باختيار أهل الحل والعقد (أي بالبيعة أو الانتخاب) والثاني: بعهد الإمام من قبل أو يجعل شورى بين قوم. وروي عن الإمام أحمد وغيره: أنها تثبت بالقهر والغلبة، ولا تفتقر إلى العقد، وعبارة الحنفية في ذلك: تنعقد الخلافة باستيلاء رجل جامع للشروط على الناس وتسلطه عليهم كسائر الخلفاء بعد النبوة. ثم إن استولى من لم يجمع الشروط لا ينبغي أن يبادر إلى المخالعة، لأن خلعه لا يتصور غالباً إلا بحروب ومضايقات وفيها من المفسدة أشد مما يرجى من المصلحة. وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنهم، فقيل: أفلا ننابذهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وقال: إلا أن تروا كفراً بواحاً، وهذا من قبيل التسليم بالواقع اضطراراً منعاً للفوضى مع مخالفة مبدأ الشورى المقرر في الإسلام (راجع المنهاج ومغني المحتاج: ١٣٠/ ٤ - ١٣٢، الأحكام السلطانية للماوردي: ص٤ و ٨ - ٩، ولأبي يعلى: ص ٦ - ٧، حجة ال البالغة: ١١١/ ٢، وانظر إمامة أو خلافة في الموسوعة الفقهية) وإقرار الفقهاء لحالات الإمامة الاستثنائية يدل على جواز إقرار حالات واقعية مماثلة.
(٢) حافظ غانم: ص ٢٧٧، علي منصور: ص ١٦٢ و ١٦٦، المرجعان السابقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>