للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم يد على من سواهم» (١)، هذا الحديث يدل على وجود شخصية اعتبارية لجماعة المسلمين يمثلها أحدهم ويعتبر الأمان الصادر منه ملزماً لهم.

ومن الأحكام الفقهية في هذا الشأن ما قاله فقهاؤنا: (إن على بيت المال نفقة من لا عائل له من الفقراء) (٢).

وقالوا في نطاق المسؤولية المدنية والجنائية: إذا أتلف الحاكم شيئاً في غير حالة تطبيق العقوبات الشرعية أثناء قيامه بمصلحة من المصالح العامة، فضمان المتلفات على الدولة باعتبارها شخصية معنوية يمثلها الحاكم نياية عن جماعة المسلمين، قال عز الدين بن عبد السلام: «إن الإمام أو الحاكم إذا أتلف شيئاً من النفوس أوالأموال في تصرفهما للمصالح، فإنه يجب على بيت المال دون الحاكم والإمام، ودون عواقلها على قول الشافعي، لأنهما لما تصرفا للمسلمين، صار كأن المسلمين هم المتلفون، ولأن ذلك يكثر في حقهما، فيتضرران به، ويتضرر عواقلهما) (٣).

وذكر فقهاء الحنفية: إذا أخطأ القاضي في حق من حقوق الله تعالى الخالصة له (أي من حقوق المجتمع) كأن قضى بحد زنا أو سرقة أو شرب خمر، واستوفى الحد، ثم ظهر أن الشهود ساقطو العدالة، كأن كانوا محدودين في قذف، فالضمان في بيت المال، لأن القاضي عمل في ذلك لعامة المسلمين لعود منفعتها


(١) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. وفي الصحيحين ومسند أحمد عن علي: (ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم) .. (نيل الأوطار: ٢٧/ ٧ وما بعدها).
(٢) السياسة الشرعية لابن تيمية: ص ٥١، الأحكام السلطانية للماوردي: ص ١٢٢، المهذب: ١٦٧/ ٢.
(٣) قواعد الأحكام في مصالح الأنام: ١٦٥/ ٢، ط الاستقامة. وانظر للتفصيل: نظرية الضمان للدكتور وهبة الزحيلي: ص ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>